التشعيث منه والتجني عليه؟ أم أردت التقرب إلى أصحابك الذين دخل في قلوبهم من يومك المشهود الذي لم ير مثله غم عظيم؟ أم كنت أنت المتصف بما ترمي به المحدثين من قلة الفهم؟
أما ما قاله الخطيب في ترجمتي أحمد والشافعي فلفظه في المطبوع ج ٤ ص ٤١٢ في ترجمة أحمد « ... إمام المحدثين الناصر للدين والمناضل عن السنة والصابر في المحنة ... » وفي آخر الترجمة ج ٤ ص ٤٢٣ «قد ذكرنا مناقب أبي عبد الله أحمد بن حنبل مستقصاة في كتاب أفردناه لها فلذالك اقتصرنا في هذا الكتاب على ما أوردنا منها» وعبارته في ترجمة الشافعي ج ٢ ص ٥٦ « ... زين الفقهاء وتاج العلماء ... » فعلى هذا للشافعية أن يعاتبوا الخطيب قائلين: لم تذكر الشافعي بالحديث فإن كنت لا تراه محدثاً فقد سلبته أعظم الفضائل ولزم من ذلك سلبه الفقه والعلم الذي يعتد به، وإن كنت تراه محدثاً فقد جعلت أحمد إماماً له أو سيداً للمحدثين مطلقاً فشمل ذلك الفقهاء منهم فلزم أن يكون إمام الفقهاء أو سيدهم مطلقاً، ومع ذلك لم تذكر الشافعي بنصرة الدين ولا النضال عن السنة، فأما قولك «زين الفقهاء وتاج العلماء» فلا يدفع ما تقدم لأن المتزين أفضل من الزينة، ولا بس أفضل من التاج.
والصواب أن المناقشة في مثل هذا ليست من دأب المحصلين وإنما الحاصل أن المترجم يتحرى في صدر الترجمة أشهر الصفات فأحمد لتبحره الحديث وتجرده لنصر السنة كان أشهر بذلك منه بالفقه، والشافعي لتجرده للفقه كان أشهر به.
وأما قضية الكرابيسي فإن الخطيب روى بسنده في ترجمته ص ٨ ص ٦٤ عن يحيى بن معين أنه «قيل له أن حسينا الكرابيسي يتكلم في أحمد بن حنبل، قال ما أحوجه أن يضرب» وروي عن يحيى أيضا أنه قال «ومن حسين الكرابيسي لعنه الله ... » ثم ذكر القصة التي فيها تلك الكلمة ثم ذكر روايات عن أحمد في تبديع الكرابيسي والتحذير منه ثم ذكر قصة فيها غض الكرابيسي من فضل أمير المؤمنين