للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اختلف السلف في تفسيره وروى ابن جرير في (تفسيره) ج١٥ص٩٢- «عن مجاهد قال: يجلسه معه على عرشه» ثم قال «ما قاله مجاهد من أن الله يقعد محمداً - صلى الله عليه وسلم - على عرشه قول غير مدفوع صحته لا من جهة خبر ولا نظر..» وأطال في ذلك وأطاب، وقد أعطى الله ورسوله في ليلة الإسراء ما أعطى، وقال له {وَلَلآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الأُولَى} .

ولم يرد أحمد أن عمرو بن عبيد لا أصحاب له البتة وإنما أراد أنه ليس له أصحاب في مثل غلوه جادين في نشر شرهم، كان عمرو غالياً جداً كما أشرت إليه في الاعتقاديات، ولا أعرف أحداً ممن لقيه وتأثر بكلامه كان غالياً مثله، ولا أعرف أن عمرو بن عبيد تكلم إلا في القدر والوعيد، والمعتزلة الذين ينتسبون إليه لم يوافقوه في غلوه ولكنهم تابعوا جهماً في مسائل لم يتكلم فيها عمرو، والذين دعوا إلى المحنة كبشر المريسي وابن أبي داود معروفون هم من أصحاب أبي حنيفة واشتهروا بأنهم جهمية، ومسألة القول بخلق القرآن ليست من مسائل عمرو بن عبيد بل هي من مسائل جهم، نعم إن المعتزلة المنتسبين إلى عمرو بن عبيد لأتباعهم له في الجملة وافقوا جهماً فيها ولعل من يقول إن دعاة المحنة معتزلة اغتر بموافقتهم المعتزلة في تلك القضية وقضايا أخرى تتفرع عن قول جهم، والصواب أن ينظر في قولهم في القدر والوعيد فإن كانوا لا يوافقون المعتزلة فيهما وهذا وهذا هو الظاهر فهم جهمية ولا ينبغي أن يسموا معتزلة. وقد كان لهم من إعلان ضلالتهم والدعوة إليها إلى أن ما جرى ما جرى ما لم يكن للمنتسبين إلى عمرو بن عبيد ما يقاربه، وكانوا ينسبون جهميتهم إلى أبي حنيفة، وفي روايات غيرهم عنه اضطراب وقد روى الخطيب من طريق المروذي عن أحمد أنه لم يثبت عنده أن أبا حنيفة قال: إن القرآن مخلوق، فكأنه قوي عنده عند الثبوت فترحم إن صح ما رواه الخطيب ص٣٢٧ وقوي عنده الثبوت مرة فشدد والله أعلم. وعلى كل حال فصدق المروذي وأمانته وفضله كلمة وفاق قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>