للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنين» قال الأستاذ «تغافل الذهبي عن أن في مواليد رجال الصدر الأول ووفياتهم اختلافاً كثيراً لتقدمهم على تدوين كتب الوفيات بمدة كبيرة فلا يبت في أغلب الوفيات برواية أحد النقلة، وها هو أبي بن كعب رضي الله عنه من أشهر الصحابة اختلفوا في وفاته من سنة ١٨ إلى سنة ٣٢ والذهبي يصر على أن وفاته سنة ٢٢ في كتبه جميعاً مع أن عاش إلى سنة ٣٢ وشارك جمع القرآن في عهد عثمان كما يظهر من طبقات ابن سعد وأين منْزلة ابن جزء من منْزلة أبي حتى يبت بوفاة تروي له عن ابن يونس وحده، وقد قال الحسن بن علي الغزنوي أن وفاته سنة ٩٦ كما في «شرح المسند» لعلي القاري، ولعل ذلك هو الصواب في وفاته» .

أقول الجواب من وجوه:

الأول: وقوع الاختلاف في ذلك في الجملة إنما هو بمنزلة وقوعه في أدلة الأحكام لا يبيح إلغاء الجميع جملة بل يؤخذ بما لا يخالف له وينظر في المتخالفين فيؤخذ بأرجحها، فإن لم يظهر الرجحان أخذ بما اتفقا عليه، مثال ذلك ما قيل في وفاة سعد بن أبي وقاص سنة ٥١، ٥٤، ٥٥، ٥٦، ٥٧، ٥٨، فإن لم يترجح أحدها أخذ بما دل عليه مجموعها أنه لم يعش بعد سنة ٥٨. فان جاءت رواية عن رجل أنه لقي سعد بمكة سنة ٦٥ مثلاً استنكرها أهل العلم، ثم ينظرون في السند فإذا وجدوا فيه من لم تثبت ثقة حملوا عليه. فابن جزء قيل في وفاته سنة ٨٥، ٨٦، ٨٧، ٨٨، وأرجحها الثاني لأنه قول ابن يونس مؤرخ مصر وهي مع ذلك مجتمعة على أنه لم يعش بعد سنة ٨٨، فلما جاءت تلك الرواية أنه لقي بمكة سنة ٩٦ أو ٩٨ استنكرها أهل العلم ووجدوا أحق من يحمل عليه ابن الصلت، فأما قول الغزنوي المتأخر أن ابن جزء توفي سنة ٩٩ فهو من نمط ما في (المناقب) للموفق ج ١ ص ٢٦ روى من طريق الجعابي القصة وفيها أن اللقاء كان سنة ٩٦ ثم حكى عن الجعابي أن ابن جزء مات سنة ٩٧ فهذان القولان مع تأخر قائليهما إنما حاولا بهما تمشية القصة، رأيا أن فيها أن اللقاء كان بالموسم وأن المعروف في وفاة ابن جزء أنها بمصر بقرية يقال لها سفط القدور كما جاء عن

<<  <  ج: ص:  >  >>