الله عليه وآله وسلم. فالظن بمن كان من طلبة العلم بمصر أنه إذا بلغ سن الطلب في حياة ابن جزء كان أهم شيء عنده أن يلقاه ويسمع منه فلو عاش ابن جزء إلى سنة ٩٧ أو ٩٩ لكان في الرواة عنه من لم يبلغ سن الطلب إلا قبل ذلك بقليل، ولو كان فيهم من هو كذلك لأشتهر أمره لعلو سنده ولما خفي على مثل ابن يونس وغيره ممن ذكر وفاة ابن جزء، وقد تتبع الرواة عن ابن جزء فإذا أخرهم وفاة عبيد الله بن المغيرة بن معيقيب توفي سنة ١٣١ وقد روى عبيد الله أيضاً عن ناعم مولى أم سلمة ووفاة ناعم سنة ٨٠ على ما قيل ولم يذكروا خلافه.
الوجه الرابع: لو حج ابن جزء سنة ست وتسعين أو ثماني وتسعين في الموسم واجتمع الناس حواليه كما تزعمه تلك الرواية لكان من حضر الموسم من أهل العلم وطلبة الحديث أحرص الناس على لقائه والسماع منه، أنه لم يبق حينئذ على وجه الأرض صحابي سمع من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحدث عنه إلا هو على فرض صحة الرواية، ثم لتناقلوا ما يسمعون منه وتنافسوا فيه لعلوه، ولا سيما ذاك الحديث المذكور في تلك الرواية «من تفقه في دين الله كفاه الله همه ورزقه من حيث لا يحتسب» فإن فيه بشارة عظيمة لهم وفضيلة بينة وترغيباً في طلب العلم، ولا يعرفونه من رواية غيره فما بالنا لا نجد لذلك أثراً إلا ما تضمنته تلك القصة؟
الوجه الخامس: لو لم يكن فيما يدل على تأخر وفاة أُبيّ بن كعب إلا ما أشار إليه الأستاذ من الرواية التي عند ابن سعد لاستنكرها أهل العلم لكن لذلك شواهد وعواضد منها ما روي عن عبد الرحمن بن أبزي أنه قال: «قلت لأبي لما وقع الناس في أمر عثمان يا أبا المنذر -» ومنها ما روى عن زر بن حبيش أنه لقي أُبياً في خلافة عثمان، ومنها ما روي عن الحسن البصري في قصة أن أُبياً مات قبل مقتل عثمان بجمعة. فأما الرواية في لقى ابن جزء بمكة سنة ست وتسعين أو ثماني وتسعين فلا شاهد لها ولا عاضد. فإن قيل أرأيت لو وجد لها شواهد وعواضد قوية أتقبلونها؟ قلت أن صح سندها فنعم وأي شيء في هذا؟ أرأيت من قامت عليه