عبد الملك يشكوه فهذا كان بالبصرة سنة ٧٥ على أن الحجاج انتقل من الكوفة إلى واسط سنة ٨٦ وفيها مات عبد الملك كما هو معروف في التاريخ. وإن بنى على ما حكى عن ابن سعد في رؤية أبي حنيفة لأنس فقد مر ما فيه. وإن بني على أن الدارقطني على ما في (تبييض الصحيفة) عن حمزة السهمي قال: «لم يلق أبو حنيفة أحداً من الصحابة إلا أنه رأى أنساً بعينه ولم يسمع منه» كما نقله الأستاذ ص١٥ وأن جماعة ممن بعد الدارقطني ذكروا رؤية أبي حنيفة لأنس كما ذكره ص١٥ أيضاً فلا أرى في هذا حجة، أما ما حكاه السيوطي عن حمزة فقد عارضه ما مر عن الخطيب، والخطيب يروي في مواضع كثيرة من (تاريخه) عن علي بن محمد نصر عن حمزة سؤالات حمزة للدارقطني وغيره كما ترى شواهد ذلك في المقدمة (تاريخ جرجان) فيعلم مما ذكر مع النظر إلى عادة الخطيب وعادة أهل عصره التي أشرت إليها في (الطليعة) ص ١١٠، أنه كان عنده نسخة من كتاب حمزة وسمعها من علي بن محمد بن نصر فما روى عن علي بن محمد بن نصر عن حمزة من سؤالات الدارقطني فهو من ذاك الكتاب، فرواية الخطيب ثابتة. وأما حكاية السيوطي فان كان أخذها من نسخة من كتاب حمزة فنسخة الخطيب أثبت لقرب العهد وسماعه للكتاب بواسطة واحدة ولما عرف من تثبيت الخطيب، وإن كان أخذها من مأخذ آخر فلا ندري ما حاله؟ وزعم الأستاذ أن ما وقع في (التاريخ) : «مما غيرته يد أثيمة وكم لمصحح الطبع من إجرام في الكتاب وكان أصل الكلام ... إلا رؤيته - فغيرته اليد الأثيمة إلى: ولا رؤيته» .
أقول الكتاب أي (تاريخ بغداد) طبع بمصر ولعل الأستاذ إن كان شك في تلك الكلمة قد راجع الأصل المطبوع عنه أو روجع له كما عرف من عادته في الحرص على تأييد قوله والتنديد بمخالفيه كالمصحح الذي عناه، فلو وجد في الأصل «إلا رؤيته» لصرح به، فإن عاد فحمل على الأصل نفسه فما باله يذكر مصحح الطبع؟ هل أذكرته كلمة «الطبع» قولهم: قيل للغراب لم تسرق الصابون؟ قال: