حديثه ومن ظن بأبي حنيفة أنه لا يميز بين من به غفلة أو تهمة فقد ظن باطلا وأبو حنيفة يكثر جدا عن عطاء ... . بل ليس بين شيوخه بعد حماد بن أبي سليمان من يكثر عنه قدر إكثاره عن عطاء. وأما أبو العطوف فرواياته عنه كلها لا تزيد على نحو خمس روايات ... » .
أقول: أما الانقطاع والمجهول فقد تقدم النظر فيه في القواعد. وأما قوله:«ما من مسند من المسانيد السبعة عشر ... إلا وفيه روايته عن عطاء بكثرة» وقوله «وأبو حنيفة يكثر جدا عن عطاء» ففيه نظر ظاهر لأن غالب الجامعين لتلك المسانيد متأخرون وجماعة منهم متهمون بالكذب ومن لم يكن منهم متهما يكثر آن يكون في أسانيده إلى أبي حنيفة من لا يعتد بروايته ومع ذلك فقد تصحفت (جامع المسانيد) فلم أجد فيه عن أبي حنيفة عن عطاء إلا نحو ثلاثين رواية لعله لا يصح منها عن أبي حنيفة خمس أو ست فأين الكثرة؟ فضلا عن الإكثار جدا. على أن الحميدي قد قال: «حدثنا وكيع قال حدثنا أبو حنيفة انه سمع عطاء إن كان سمعه أخرجه الخطيب ورواه ابن أبي حاتم في كتابه (تقدمة الجرح والتعديل) في باب «ما ذكر من معرفة وكيع بن الجراح بناقلة الأخبار ورواة الآثار وكلامه فيهم» رواه عن أبيه عن الحميدي وذكره الأستاذ ص١٣٠ فزعم أن كلمة «إن كان سمعه» من قول الحميدي. ولم يضع الأستاذ شيئا هي من قول وكيع لكن ليس المقصود بها كما ذكر الأستاذ الشك في سماع أبي حنيفة مطلقا وإنما المقصود الشك في سماع خبر معين ذكره وكيع ولم يذكره الحميدي إذ كان قصد الحميدي إنما هو حكاية تلك الكلمة عن وكيع. وقد يحتمل أن الشك ليس من وكيع وإنما هو من أبي حنيفة نفسه كان يكون قال في ذلك الخبر: سمعت عطاء - إن كنت سمعته.. فعبر وكيع بما تقدم فإن كان هذا هو الواقع فليس فيه طعن من وكيع في أبي حنيفة كما فهموه. والله أعلم.
قوله «ولا مانع من الرواية عنه قبل طروء الغفلة» هذه دعوى مجردة فلم يذكر أحد قبل الأستاذ أن أبا العطوف طرأت عليه الغفلة، بل قدحوا فيه على الإطلاق