أن بعض الكذبة أدخل في حديثه ما ليس منه لم يخرج عنه البخاري معتمداً عليه، بل استشهد به في مواضع ليبين أنه ثقة، وأخرج أحاديثه التي يرويها من حديث أقرانه كشعبة وحماد بن زيد وأبي عوانة وغيرهم. ومسلم اعتمد عليه لأنه رأى جماعة من أصحابه القدماء والمتأخرين لم يختلفوا وساهد مسلم منهم جماعة وأخذ عنهم، ثم عدالة الرجل في نفسه وإجماع أئمة أهل النقل على ثقته وأمانته» .
الوجه الثالث: زعم بعضهم انه كان له ربيب يدخل في كتبه وقيل ربيبان وصحف بعضهم «ربيب حماد» إلى «زيد بن حماد» راجع (لسان الميزان) ج ٢ ص ٥٠٦. ومدار هذه التهمة الفاجرة على ما يأتي، وقال الذهبي في (الميزان) : «الدولابي حدثنا محمد بن شجاع ابن الثلجي حدثني إبراهيم بن عبد الرحمن بن مهدي قال: كان حماد بن سلمة لا يعرف بهذه الأحاديث - يعني التي في الصفات - حتى خرج مرة إلى (عبادان) فجاء وهو يرويها، فلا أحسب إلا شيطاناً خرج إليه من البحر فألقاها إليه. قال ابن الثلجي: فسمعت عباد بن صهيب يقول إن حماداً كان لا يحفظ، وكانوا يقولون إنها دست في كتبه، وقد قيل: إن ابن أبي العوجاء كان ربيبه فكان يدس في كتبه» قال الذهبي: «قلت: ابن الثلجي ليس بمصدق على حماد وأمثاله وقد اتهم. نسأل الله السلامة» .
أقول: الدولابي حافظ حنفي له ترجمة في (لسان الميزان) ج ٥ ص٤١ وهو بريء من هذه الحكاية إن شاء الله إلا في قبوله لها من ابن الثلجي وروايتها عنه. كان ابن الثلجي من إتباع بشر المريسي جهمياً داعية عدواً للسنة وأهلها، قال مرة:«عند أحمد ابن حنبل كتب الزندقة، وأوصى أن لا يعطي من وصيته إلا من يقول: القرآن مخلوق. ولم أر من وثقه، بل اتهموه وكذبوه قال ابن عدي «كان يضع أحاديث في التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث يثلبهم بذلك» وذكر ما رواه عن حبان بن هلال، وحبان ثقة، عن حماد بن سلمة عن أبي المهزم عن أبي هريرة مرفوعا «إن الله خلق الفرس فأجراها فعرقت ثم خلق نفسه منها» وكذبه أيضاً الساجي والأزدي وموسى بن القاسم الأشيب. فأما ما نسب غليه من التوسع في الفقه