وبين التثبت، وبهذه القاعدة نفسها نعامل ما حكاه الأستاذ عن أبي بكر الرازي إن كان ممن ثبتت ثقته وأمانته فلا نقبلها منه بغير مستند مع مخالفته لمن هو أثبت منه وأعلم بالحديث ورجاله، ولأمر ما ستر الأستاذ على نفسه وعلى الرازي فلم يذكر الحديث ولا بين موضعه.
فأما قوله:«كان وقاعاً» فمن تصدى للجرح والتعديل والتنديد بمن يخالف السنة احتاج إلى ما يسميه الأستاذ وقيعة، وإنما المذموم أن يقع الرجل في الناس بما لا يراه حقاً أو بما لا يعذر في جهل أنه باطل.
وأما الانفراد بمناكير عن مجاهيل إن صح فلا يضره، وإنما الحمل على أولئك المجاهيل ولا يترتب على ذلك مفسدة، ومثل ذلك ما يرويه عن الضعفاء، وكالحديث الذي في ترجمته في (لسان الميزان) سمعه من الساجي أبو داود وعبدان والبزار وغيرهم، رواه الساجي عن عبد الله ابن هارون بن أبي علقمة الفروي، وعبد الله هذا يقال له:«أبو علقمة الصغير» له ترجمة في (تهذيب التهذيب) ج ١٢ ص ١٧٢ وفيها: «قال الحاكم أبو أحمد: منكر الحديث ... وقال ابن عدي: له مناكير ... وذكره ابن حبان في (الثقات) وقال: يخطئ ويخالف وقال الدارقطني في غرائب مالك: متروك الحديث» فإن كان ذاك الحديث منكراً فالحمل فيه إلى الفروي، كالأحاديث الأخرى التي أنكرت عليه.
وأما كلمة ابن قطان فلم يبين من هم الذين ضعفوه وماهر التضعيف وما وجهه، ومثل هذا النقل المرسل على عواهنه لا يلتفت إليه أمام التوثيق المحقق، وأخشى أن يكون اشتبه على ابن قطان بغيره ممن يقال له:«زكريا بن يحيى» وهم جماعة، وابن القطان ربما يأخذ من الصحف فيصحف فقد وقع له في موضع تصحيف في ثلاثة أسماء متوالية. راجع (لسان الميزان) ج ٢ ص ٢٠١- ٢٠٢ قد قال ابن حجر في (اللسان» متعقباً كلمة ابن القطان «ولا يغتر أحد بقول ابن القطان، وقد جازف بهذه المقالة، وما ضعف زكريا الساجي هذا أحد قط ... وذكره ابن أبي حاتم فقال: كان ثقة يعرف الحديث والفقه، وله مؤلفات حسان في الرجال واختلاف آلفها وأحكام القرآن ... وقال مسلمة بن القاسم: بصري ثقة» . والذهبي إنما قال