«الدراهمي» ويسيء القول فيه في عدة مواضع. وحقيقة الحال أن هذا الرجل كان يروي عن عباس الدوري أحاديث، ويروي عن يعقوب بن سفيان (تاريخه) ، وغير ذلك، وكانت ولادة هذا الرجل سنة ٢٧١ ووفاة يعقوب سنة ٢٧٧ فقد أدركهما قطعاً، وكان سنه لما مات عباس ثلاث عشرة سنة. وقد ذكر الخطيب أن جعفر بن درستويه والد عبد الله هذا كان «من كبار المحدثين وفهمائهم وعنده عن علي بن المديني وطبقته فلا يستنكر أن يكون بكر بابنه في السماع» أقول بل هذا هو الظاهر كما جرت عليه عادة المحدثين في ذاك العصر من التبكير بأبنائهم للسماع من المعتمرين على أمل أن يعيش الابن فيكون سنده علياً فيكون له بذلك صيت وشهرة ويرحل الناس إليه، وتلك مرتبة يحرص المحدث أن ينالها ابنه. وقد ولد أبو حنيفة سنة ٨٠ بالكوفة ونشأ بها ولم يعرف والده بشيء من العلم، ونشأ هو غير معنيّ بطلب الحديث كما يدل عليه النظر في وفيات شيوخه الذين تثبت روايته عنهم، وعاش أنس رضي الله عنه بالبصرة إلى أن مات سنة إحدى وتسعين وقيل بعدها بسنة وقيل بسنتين. أي وعمر أبي حنيفة ما بين إحدى عشرة إلى ثلاث عشرة ولم يكن عادة الناس في ذاك العصر بالتبكير بالسماع. وفي (الكفاية) ص٥٤ «قل من كان يثبت (وفي نسخة: يكتب) الحديث على ما بلغنا في عصر التابعين وقريباً منه إلا من جاوز حد البلوغ، وصار في عداد من يصلح لمجالسة العلماء ومذاكراتهم وسؤالهم، وقيل: إن أهل الكوفة لم يكن الواحد منهم يسمع الحديث إلا بعد استكماله عشرين سنة» . ثم روي بعد ذلك حكايات منها «أنه قيل لموسى بن إسحاق: كيف لم تكتب عن أبي نعيم؟ قال: كان أهل الكوفة لا يخرجون أولادهم في طلب الحديث صغاراً حتى يستكملوا عشرين سنة» . وروى الخطيب في (التاريخ) من طريق حمزة السهمي قال «سئل الدارقطني عن سماع أبي حنيفة من أنس هل يصح؟ قال: لا ولا رؤيته» فذكر الأستاذ ذلك ص١٥ ونازع في ذلك بما نظرت فيه في ترجمة أحمد بن محمد بن الصلت، وضج الأستاذ في ص١٩٦ من إنكار سماع بي حنيفة من أنس، قال «مع أن أبا