للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} النحل - ١٠٦.

المختار من معنى الآية أن التقدير: «من كفر بالله بعد إيمانه فعليهم غضب من الله ولهم عذاب عظيم إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان» ، فحذف هذا الجواب وهو قولنا «فعليهم غضب ... » لدلالة ما بعد ذلك عليه. فدل الاستثناء على أن من أكره فأظهر الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان فقد كفر من بعد إيمانه وإن كان لا غضب عليه ولا عذاب. ومع هذا فقد يكون أطلق في القرآن في مواضع كثيرة ترتب العقوبة على الكفر. فعلم بذلك جواز ذاك الإطلاق وإن كان الحكم مختصاً بغير المكره لأنه قد قام الدليل على إخراج المكروه فلا محذور في الإطلاق. فكذلك هنا لا حرج في إطلاق أن قول تلك الكلمة كفر مخرج عن الملة. وإن كان هذا الحكم مختصاً بمن ذكرنا.

وأما الأمر الرابع فقد سلف الجواب عنه في ترجمة الجوزجاني.

وأما الأمر الخامس فجابه في قسم الاعتقاديات وفي القاعدة الثالثة من قسم القواعد.

أما قوله: «لا يؤخذ منه إلا فنه فبما لا يكون مثار تعصبه» إن أراد به رد ما يرويه ابن أبي حاتم مما فيه غض من أبي حنيفة وأصحابه فقد أبطل، وأتى بما لا يستحق أن يذكر، فكيف أن يقبل؟! وإن أراد رد رأي ابن أبي حاتم كقوله في تفسير تلك الكلمة: «يعني أنه كان يثبت على الخطأ ... » فلا وجه للرد ولكن ينبغي التثبت والتدبر، فإن تبين خطأ ابن أبي حاتم رد عليه خطؤه كما يرد على غيره، وإن تبين صوابه وجب القبول، وإن لم يظهر ذا ولا ذا نظرنا فإن كان ذاك حكماً منه في جرح أو تعديل كقوله: «فلان ثقة» أو «فلان ضعيف» وجب قبوله إلا أن يعارضه ما هو أولى بالقبول منه. وراجع ترجمة ابن أبي حاتم في (تذكرة الحفاظ)

<<  <  ج: ص:  >  >>