الأولى منها قبل سنة ثلاثمائة (قبل مولد ابن بطة) في مجلس عام والأخرى بعد سنة ثلاثمائة في مجلس خاص لعلي بن عيسى (الوزير) وأولاده» قال الخطيب: «وفي هذا القول نظر لأن محمد بن عبد الله بن الشخير قد روى عن البغوي (المعجم) وكان سماعه بعد الثلاثمائة بسنين عدة ولعل ابن بكير أراد بالمرتين قبل سنة عشر وثلاثمائة وبعدها ... ومما يدل على ذلك أن أبا حفص أبن شاهين كان من المكثرين عن الغوي وكذلك أبو عمر حيوية وابن شاذان ولم يكن عند أحد منهم (المعجم) فهذا يدل على أن رواية العامة كانت قبل العشر بسنين عدة» .
أجاب ابن الجوزي بأن التنوخي كان معتزليا يميل إلى الرفض.
أقول: هو صدوق ولكن قد دل ما ذكره الخطيب أن سماع ابن الشخير كان بعد الثلاثمائة بسنين عدة على أن البغوي حدث ب (المعجم) دفعة ثالثة ولعلها كانت لنفر خاص فلم يقف عليها ابن بكير ولم يحضرها ابن شاهين وابن حيوية ابن شاذان. وقد تكون هناك دفعة رابعة خاصة أيضا. وقد ذكر ابن بطة فيما رواه ابن الجوزي قصة حاصلها أن أباه بعثه وهو صغير مع شريك له من أهل بغداد فأدخله على البغوي واسترضوه أن يحدثهم ب (المعجم) في نفر خاص قال: «ثم قرأنا عليه المعجم ... » إلى آخر ما تقدم آنفا. وفي القصة:«وأذكره وقد قال: حدثنا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني سنة ٢٤٤ فقال المستملي خذوا هذا قبل أن يولد كل محدث على وجه الأرض. وسمعت المستملي وهو أبو عبد الله بن مهران يقول له: من ذكريات يا ثلث الإسلام» والظاهر أن هذا كان في مجلس عام حدث فيه الغوي بأحاديث غير المعجم الذي أختص به ابن بطة ومن معه ويشهد لذلك أن ابن بطة قد روى عن البغوي أحاديث ليست في (المعجم) كما يأتي. والله أعلم.
السادس: قال الخطيب: شاهدت عند حمزة بن محمد بن طاهر الدقاق نسخة بكتاب محمد ابن عزيز في (غريب القرآن) وعليها سماع ابن السوسنجردي من ابن بطة عن ابن عزيز فسألت حمزة عن ذلك؟ فأنكر أن يكون ابن بطة سمع الكتاب من ابن عزيز وقال: ادعى سماعه ورواه» .