بهذا في تجريحه، وكان أحمد يقول: مالنا ولعنبسة ... هل روى عنه غير أحمد بن صالح؟ وقال يحيى بن بكير: إنما يحدث عن عنبسة مجنون أحمق لم يكن بموضع للكتابة عنه» .
أقول: الذي في كتاب ابن أبي حاتم ج ٣ قسم ١ ص ٤٠٢: «سألت أبي عن عنبسة بن خالد فقال: كان على خراج وكان يعلق النساء بثديهن» وأبو حاتم ولد سنة ١٩٥ وأول طلبه الحديث سنة ٢٠٩ وإنما دخل مصر بعد ذلك بمدة فلم يدرك عنبسة ولا ولايته الخراج لأن عنبسة توفي سنة ١٩٨ ولا يدرى من أخبر أبا حاتم بذلك؟ فلا يثبت ذلك ولا ما يترتب عليه من الجرح وقال ابن أبي حاتم: «سمعت محمد بن مسلم (ابن وارة) يقول: روى ابن وهب عن عنبسة بن خالد. قلت لمحمد بن مسلم: فعنبسة بن خالد أحب إليك أو وهب الله بن راشد؟ فقال: سبحان الله ومن يكون عنبسة إلى وهب الله؟ ما سمعت بوهب الله إلى الآن منكم» فقد روى عن عنبسة أحمد بن صالح على إتقانه وعبد بن وهب على جلالته وتقدمه وكل منهما أعقل وأفضل من مائة مثل يحيى بن بكير وروى عنه محمد بن مهدي الإخميمي وغيرهم كما في (التهذيب) . فأما الإمام أحمد فكأنه سمع بأن عنبسة كان يجبي الخراج فكرهه لذلك وليس في ذلك ما يثبت به الجرح وقد ذكره ابن حبان في (الثقات) وأخرج له البخاري في (الصحيح) مقروناً بغيره، وأخرج له أبو داود في (السنن) وقال الآجري عن أبي داود: «عنبسة أحب إلينا من الليث بن سعد سمعت أحمد بن صالح يقول عنبسة صدوق» ، كنت استعظمت هذه الكلمة للاتفاق على جلالة الليث وإمامته ثم تبين لي كما يرشد إليه السياق أن مراده تفضيل عنبسة على الليث في أمر خاص وهو روايتهما عن يونس بن يزيد الأيلي. فإن أصول يونس كانت صحيحة كما قاله ابن المبارك وغيره وكان إذا حدث من غيرها ربما يخطئ وكان الليث سمع من يونس من غير أصوله وعنبسة سمع من عمه يونس من أصوله وكانت أصوله عند عنبسة ويدل على هذا أن أبا داود قال عقب كلمته تلك:«سألت أحمد بن صالح قلت: كانت أصول يونس أو نسخها؟ قال: بعضها أصول وبعضها نسخة» فعنبسة يروي عنه ابن وهب ويصدقه أحمد بن صالح، ويثني