للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسألة حكاها الذهبي بقوله: «وعن السراج ... .» ولا ندري كيف سندها إلى السراج.

ومع ذلك فقول الأستاذ «صريح في أنه كان من أهل الرأي» مجازفة وهذه كتب الظاهرية موجودة فليتصفحها الأستاذ وليحص المسائل التي فيها ليعلم بطلان ما زعمه من الصراحة وأوضح من هذا أن الظاهرية وأهل الحديث يجيبون عن كل مسألة حدثت أو تحدث وذلك يزيد عن سبعين ألفا مضروبة في مثلها بدون أن يكونوا من أهل الرأي وخاصة أهل الرأي هي الرغبة عن العناية بالسنة استغناء بالرأي ورد السنن الصحيحة بمحض الرأي ومالك رحمه الله تعالى بريء من هذا.

قال أبو مصعب عن مالك «ما أفتيت حتى شهد لي سبعون أني أهل لذلك وقال حرملة عن الشافعي: «مالك حجة الله على خلقه بعد التابعين» وأتفق الشافعي ومحمد بن الحسن على أن مالكا أعلم من أبي حنيفة بالكتاب والسنة وآثار الصحابة وقال ابن عيينة وعبد الرزاق في حديث أبي هريرة مرفوعا «يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أعلم من عالم المدينة» (١) . هو مالك. وما روي عن ابن عيينة أنه قال مرة: هو العمري العابد لا وجه له لأن العمري العابد وهو عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن الله بن عمر - لم يشتهر بالعلم - بالمعنى المعروف، بل لم يعرف به، بل قال ابن حبان: «لعل كل شيء حدث في الدنيا لا يكون أربعة أحاديث» .

وليس له في الأمهات الست ولا في الكتب الأخرى لأصحابها التي أخذ رجالها في (التهذيب) إلا حديث واحد مرسل في (مراسيل أبي داود) ولم تضرب إليه أكباد الإبل بل لعله لم يرحل إليه بعير واحد وإنما كان هو رحمه الله يخرج إلى البراري لتعليم الأعراب ضروريات الدين فكيف ينطبق عليه هذا الحديث؟ فأما انطباقه على مالك فكالشمس وضوحا ولم يثبت في فضل غيره من الأئمة ما يظهر انطباقه مثل هذا الظهور ولا قريبا منه. والله الموفق.


(١) قلت: هذا الحديث أخرجه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححوه، وفيه نظر بينته في تعليقي على «الأحكام الكبرى» لعبد الحق الاشبيلي رقم الحديث (٧٦) وذكرت له هناك شاهداً.

<<  <  ج: ص:  >  >>