أقول: المعروف عن الأصمعي ومن تبعه أنه لا يقال لا في الماء ولا في السمك، وذكر ابن السيد في (الاقتضاب) ص ١١٦ ذلك ن ثم نقضه بعده حجج ثم قال: «وحكى علي ابن حمزة عن بعض اللغويين أنه ثقال: ماء ملح فإذا وصف الشيء بما فيه من الملوحة قلت: سمك مالح، وبقلة مالحة، قال ولا يقال: ماء مالح، لأن الماء هو الملح بعينه، وهذا قول غير معروف، وهو مع ذلك مخالف للقياس، لأن صفة الماء بأنه مالح أقرب إلى القياس من وصف السمك، لأنهم قالوا: ملح الماء وأملح، فاسندوا غليه الفعل مكان يسند إلى الفاعل ولم يقل أحد: ملح السمك. إنما قالوا: ملحت السمك إذا جعلت فيها الملح» ثم قال: «وأنشد أبو زياد الأعرابي قال أنشدني أعرابي فصيح:
صبحن قوا والحمام واقع ... وماء قو مالح وناقع»
وفي (لسان العرب) عن ابن الأعرابي «ماء أجاج ... وهو الماء المالح» وعن الجوهري «ولا يقال: مالح، قال وقال أبوالدقيش: ماء مالح وملح» ثم قال: «قال ابن بري: قد جاء المالح في أشعار الفصحاء ... وقال عمر بن أبي ربيعة:
ولوتفلت في البحر والبحر مالح ... لصبح ماء البحر من ريقها عذبا
قال ابن بري: وجدت هذا البيت المنسوب إلى عمر بن أبي ربيعة في شعر أبي عيينة محمد ابن أبي صفرة ... » .
والحاصل أن قولهم: ماء مالح - ثابت عن العرب الفصحاء نصا، وثابت قياسا، لكن أكثر ما يقولون: ملح - ولما غلب على ألسنة الناس في عصر الشافعي: مالح. أتى بها الشافعي في كتبه لأنه كان يتحرى التقريب إلى إفهام الناس كما يأتي عن صاحبه الربيع، ومع هذا فقد شهد جماعة للشافعي بأنه من الفصحاء الذين يحتج بقولهم فيكون قوله حجة على صحة الكلمة، فإن تنازلنا وسلمنا أن الشافعي مختلف في فصاحته قلنا فالكلمة مختلف في صحتها، فحقها إن لم يقم دليل على صحتها أن