الخطيب في (التاريخ) من طريق أبي الوزير عن ابن المبارك فزعم الأستاذ في (التأنيب) أن أبا الوزير هو عمر بن مطرف فكشف مغالطته في (الطليعة) وأوضحت أنه محمد بن أعين، فرأى الأستاذ أنه لا فائدة في المكابرة فعدل في (الترحيب) إلى محاولة توهين بن أعين فقال: «توثيق ابن حبان على قاعدته ... وكون المرء خادما أو كاتبا أو وصيا أو معتمدا عنده في شيء ليس بمعنى توثيقه في الرواية عندهم، وقول الناقد: أحمد بن حنبل لا يروي إلا عن ثقة. رأي مبتكر، وروايته عن مثل عامر بن صالح معروفة.
أقول: قاعدة ابن حبان يأتي تحقيقها في ترجمته وبذلك يعرف أن توثيقه لابن أعين من التوثيق المقبول، وابن أعين قالوا: «أوصى إليه ابن المبارك وكان من ثقاته» وابن المبارك كان رجلا في الدين، رجلا في الدنيا فلم يكن ليعتمد بثقته في حياته وإيصائه بعد وفاته إلا إلى عدل أمين يقظ لا يخشى منه الخطأ في حفظ وصاياه وتنفيذها، فهذا توثيق فعلي قد يكون أبلغ من التوثيق القولي، غاية الأمر أنه قد يقال: ليس من الممتنع أن يكون ابن أعين ممن ربما اخطا في المواضع الملتبسة من الأسانيد، وهذا لا يضر هنا، لأن روايته في (تاريخ بغداد) إنما هي واقعة لابن المبارك على أن ذاك الاحتمال يندفع برواية أحمد وتوثيق ابن حبان، وأنه لم يتعرض أحد بغمز لابن أعين في روايته؛ وكون أحمد لا يروي إلا عن ثقة لم أقله، وإنما قلت:«ورواية أحمد عنه توثيق لما عرف من توقي أحمد» ومع ذلك فقد نص ابن تيميه والسبكي في (شفاء السقام) على أن أحمد كان لا يروي إلا عن ثقة. وفي (تعجيل المنفعة) ص ١٥ و١٩ وغيرهما ما حاصله أن عبد الله بن أحمد كان لا يكتب في حياة أبيه إلا عمن أذن له أبوه ن وكان أبوه لا يأذن له بالكتابة إلا عن الثقات. ولم يكن أحمد ليترخص أنفسه ويشدد على ابنه، وفي (فتح المغيث) ص ١٣٤: «تتمة ممن كان لا يروي إلا عن ثقة إلا في النادر الأمام أحمد وبقي بن مخلد ... » وقوله: «إلا في النادر» لا يضرنا، إنما احترز بها لأن بعض أولئك المحتاطين قد يخطئ في التوثيق فيروي عمن يراه ثقة وهو غير ثقة، وقد يضطر إلى