وهو في (الصحيحين) وقد روي من حديث أبي هريرة، والخطأ في مثل هذا يقع كثيرا من الثقات، وإنما أراد ابن المديني أن رفعه من تلك الطريق غير واقع، لا أن بندارا تعمد الكذب، وهذا واضح، فبندار قد يقع له الخطا في مظانه كالحديث المذكور.
وأما سرقة الحديث فإنما أخذها الأستاذ مما روي عن أبي موسى أنه سبق بندارا إلى تصنيف حديث داود بن أبي هند ثم قال ك هنا قوم لوقدروا أن يسرقوا حديث داود لسرقوه - يعني بندارا - وإنما كانت بين الرجلين منافسة فأراد أبو موسى أن بندارا يحسده على السبق إلى تصنيف حديث داود حتى لوأمكنه أن يسرق ذاك الكتاب ليفقده أبا موسى لفعل.
وليس هذا من سرقة الحديث في شيء، ولم يقع من بندار لا هذا ولا ذاك، ولا هو ممن يقع منه ذلك، وإنما بالغ أبو موسى كما لا يخفى. ومع هذا لم يكن بين الرجلين بحمد الله ما يسمى عداوة، وقد توفي بندار قبل آبى موسى فجاء بعض الجهلة إلى أبي موسى فقال له: البشري، مات بندار. يعني وخلا لك الجو. فقال له أبو موسى ك «جئت تبشرني بموته؟ ! علي ثلاثون حجة إن حدثت أبدا» . فعاش بعد ذلك تسعين يوما لم يحدث ثم مات رحمهما الله تعالى، وإنما حلف أبو موسى أن لا يحدث على ما سبق منه من المنافسة وإظهارا لأنها لم تبلغ به إن يسر بموت صاحبه ن فامتنع من الحديث الذي كانت المنافسة فيه. وأما استقرار العمل على الانتقاء من رواياته فهذا يقال على وجهين:
الأول: أن يتقى ما تبين أنه أخطأ فيه ويؤخذ غيره.
الثاني: أن لا يؤخذ من رواياته إلا ما توبع عليه، فإن أراد الأستاذ هنا الأول فليس فيه ما ينفعه، وإن أراد الثاني فهو مردود عليه، ومع ذلك فقد توبع بندار في المقصود من هذه الحكاية كما ذكر الأستاذ نفسه في غير نوضع، وليست من مظان الخطأ والوهم. والله أعلم. (١)