أقول: أما رواية أبي الطيب هذا الكتاب فليس فيها ما يريب في صدقه، فقد تحقق أن الكتاب كان موجودا بأيدي ناس يسمى ذاك الاسم، فأي ريبة أم أي بعد في أن يجده أبو الطيب عند بعض الوراقين فيزعم الوراق أنه يروي بالسماع فيسموه منه أبو الطيب، وقد يكون ذاك الوراق كذابا زعم ما زعم يروج له الكتاب، ولم يفتش أبو الطيب عن حاله على عادتهم في ذاك العصر من الأخذ عن كل أحد وترك التحقيق لأهله أو لنقته. ثم أن صح قول الأستاذ «بعد سنة ثلاثمائة» فليس يلزم من ذلك أن لا يكون أبو الطيب ذكر قبل ذلك أن الكتاب عنده يروي، وكثيرا ما يروي الرجل بعد أن يسمع بستين أو سبعين سنة أو أكثر وقد كان للأستاذ في نهالة الشيخ أبو الطيب وشيخ شيخهم ما يكفيه في دفع النسبة إلى أبي حنيفة المحاولة الطعن في أبي الطيب الموثق كما يأتي، ومحاولة الدفاع عن أبي عقدة المجروح كما تقدم في ترجمته وهو أحمد بن محمد بن سعيد ابن عقدة مع دعوى تقوية ابن عدي له، وفي ذلك ما فيه. فأما ما نسب إلى مطين فدون الشارحة:
زعم ابن عقدة أنه كان عن مطين فمر أبو الطيب فقال المطين هذا كذاب ابن كذاب. وفي بعض المواضع الزيادة (أبن كذاب) أخرى، فحكى ابن عدي عن أبي عقدة هذا وقواه بالنسبة إلى حسين بن حميد والده أبو الطيب كما تقدم في ترجمته مع النظر فيه، فأما أبو أحمد الحاكم فإنما قال في ابي الطيب:«كان أبن عقدة سيئ الرأي فيه» ، وهذا يشعر بأنه لن يعتمد على رواية ابن عقدة عن مطين وإلا بقال:«كان مطين سيئ الرأي فيه» ، وابن عقدة يس بعمده كما تقدم في ترجمته. وقد تعقب الخطيب حكايته هذا في «التاريخ» ج ٢ ص ٢٣٧ وقال: «في الجرح بما يحكيه أبو العباس بن سعيد «ابن عقدة» نظر، حدثني علي بن محمد بن نصر قال: سمعت حمزة السهمي يقول: سالت أبا بكر ابن الدان عن ابن عقدة إذا حكى حكاية عن غيره من الشيوخ في جرح فهل يقبل قوله أم لا؟ قال: لا يقبل «وهذه الروية مأخوذة عن كتاب معروف لحمزة. ثم روى الخطيب عن أبي يعلى الطوسي توثيق أبي الطيب قال: