الأمر الثالث: عبارة الأزهري تقتضي أنه لم يتفق لابن حيويه القراءة من غير أصله إلا من ذاك الكتاب، واقتصاره الوثوق بغير أصله على كتاب لأستاذه معقول بخلاف اقتصاره على كتاب لإنسان أصغر منه بأربعين سنة ولا تعرف بينهما علاقة، فلو كان ابن حيويه يتساهل بالقراءة من كتاب لعلي بن أحمد لتساهل بالقراءة من كتب جماعة أكبر من علي بن أحمد
وأوثق وعلاقتهم بابن حيويه معروفة.
الأمر الرابع: إطلاق البرقاني مع إمامته وجلالته والعتيقي مع ثقته وتيقظه ذاك الثناء البالغ على ابن حيويه يدل على أنه لم يكن منه تساهل يخدش فيما أثنيا عليه به، والأزهري وإن ذكر التساهل فقد عقب بقوله:«وكان من ذلك ثقة» وهذا يقضي أنه أن ساغ أن يسمى ما وقع منه تساهلا فهو تساهل عرفي لا يخدش في الثقة والتيقظ والحجة، وهذا إنما يكون بفرض أن ذاك الكتاب الذي قرأ منه كان موثوقا به وبمطابقته لأصل ابن حيويه، وإنما فيه أنه ليس هو أصله الذي كتب عليه سماعه وقد كانوا يكرهون مثل هذا وذلك من باب سد الذريعة، فأما أن يثق بكتاب لأصغر منه بأربعين سنة ولا تعرف بينهما علاقة ولا يوثق بمطابقته لأصله فعباراتهم تدفع هذا أشد الدفع.
قال الأستاذ:«رواية الخزاز لو كانت عن كتاب أحد شيوخه لكانت رواياته من أصل شيخه ولما كان يرمي بالتسامح» .
أقول: علي بن موسى أبو الحسن ابن الرزاز شيخ الخزاز حتماً، ثم هناك احتمالان:
الأول: أن يكون شيخه في ذاك الكتاب.
الثاني: أن لا يكون شيخه فيه وإنما سمعه الخزاز من رجل آخر.
فعلى الأول وهو الذي بنى عليه الأستاذ فصورة التساهل موجودة فإنه من المقرر عندهم أن التلميذ إذا سمع وضبط أصله ثم بعد مدة وجد في أصل شيخه زيادة أو