عبارة عن غلبة الظن فيما لا يقين فيه، وسبق أن نقلنا عن أحمد في الرمادي: كأنه يغير الألفاظ - وقد بني الذم الشديد باعتبار أن ظن الناظر ملزم» .
أقول: ابن الجنيد هنا راو لا ناظر وباب الرواية اليقين، فإن كان قد يكفي الظن فذاك الظن الجازم وآيته أن يجزم الراوي الثقة. فأما قوله:«أظن» مثلا، فإنه يصدق بظن ما وقد قال الله تعالى:«إن بعض الظن إثم» فما بالك بقوله: «فكأنه ضعفه» وأصل كلمة «كأن» للتشبيه، والتشبيه يستلزم كون المشبه غير المشبه به. فأما معناها الثاني فعبر عنه في مغنى اللبيب بقوله:«الشك والظن» فدل ذلك على أنها دون «أظنه» . وفي ترجمة الحسن بن موسى الأشيب من (مقدمة الفتح) مثل هذه الكلمة «كأنه ضعيف» فدفعها الحافظ ابن حجر بقوله: «هذا ظن لا تقوم به حجة» .
هذا وتردد ابن الجنيد يحتمل وجهين أظهرهما: أن يكون جرى من ابن معين عندما سئل عن مؤمل ما يشعر بأنه لم يعجبه مؤمل. ولا ندري ما الذي جرى منه وما قدر دلالته؟ على أنهم مما يقولون:«ضعفه فلان» مع أن الواقع من فلان تليين يسير كما تقدمت الإشارة إليه في القاعدة السادسة من قسم القواعد، فما بالك بقوله:«فكأنه ضعفه» ؟ وإنما ينقل أهل العلم أمثال هذه الكلمة لاحتمال أن يوجد تضعيف صريح فيكون مما يعتضد به. فأما هنا فلا يوجد إلا التوثيق، نعم الثقات يتفاوتون في درجات التثبيت ويظهر أن مؤملاً لم يكن في أعالي الدرجات ففي الرواة من هو أثبت منه، وإنما يظهر أمر ذلك عند التحالف والتعارض عند الأولين.
فأما كلمة الإمام أحمد في إبراهيم بن بشار الرمادي فقد تقدم لفظها في ترجمة إبراهيم فراجعها يتبين لك أن أحمد كان جازماً بأن إبراهيم كان يملي علي الناس على خلاف ما سمعوا، وأنه إنما لامه وذمه على ذلك، وإنما قال:«كأنه يغير الألفاظ» لأحد أمرين:
الأول: أن يكون أحمد جوز أن تكون العبارة التي ساقها إبراهيم هي