جهميا كما هو مصطلح الحشوية، لكان كذابا وجهميا كل من يفهم ما يقول وينزه الله سبحانه عن لوازم الجسيمة ... فلا يكون الخبر إلا مكذوبا على ابن معين ولو رواه ألف شخص من أمثال نصر بن محمد البغدادي. ومن الغريب أنه إذا روى ألف راو عن ابن معين أن الشافعي ليس بثقة مثلاً تعد هذه الرواية عنه كاذبة بخلاف ما إذا كانت الرواية عنه في أبي حنيفة أو أحد أصحابه ... نعم سبق أن كذب أبو يوسف محمداً في مسائل عزاها إليه، ولما بلغ الخبر محمدا قال: كلا ولكن الشيخ نسي. ثم تبين أن قول محمد هو الصواب ... قاتل الله التعصب ما أفضحه لصاحبه» .
أقول: لا توجد في (تاريخ بغداد) ولا غيره ترجمة باسم «نصر بن محمد البغدادي» وإعراض الأستاذ عن أن يشير إلى هذا فيقول «مجهول» أو نحوه إلى الطريق التي سلكها بدل أنه قد عرف أن لفظ «نصر» تحريف وأن الصواب «مضر» ولمضر بن محمد البغدادي ترجمة في (تاريخ بغداد) ج ١٣ ص ٢٦١ وفيها أنه يروي عن يحيى بن معين وأحمد بن حنبل وغيرهما، وأن الدارقطني قال فيه:«ثقة» .
فأما الشافعي فلا نعلمه احتج بشيء ينفرد به محمد بن الحسن حتى أن يقال: إنه احتج به، ومع ذلك فلو وثق الشافعي محمدا لما دل ذلك على بطلان النقل عن ابن معين فقد كان الشافعي يوثق إبراهيم بن أبي يحيى الذي كذبه الجمهور، ثم استقر الاتفاق على قولهم.
وأما توثيق ابن المديني فإنما ذلك حكاية حكاها ابنه عبد الله عنه أنه قال:«صدوق» وقد طعن الأستاذ في رواية عبد الله بن علي بن المديني عن أبيه مطلقا كما تقدم في ترجمته، واستهان بقولهم «صدوق» وكذب من قيلت فيه كما تقدم في ترجمة علي بن جرير البار ودي.
وأما زعم الأستاذ أن أبن المديني أقرب من ابن معين إلى النيل من أصحاب أبي حنيفة ففيه نظر غذ قد يكون ثناؤه أمام مسايرته للجهمية