الحال الثانية: حاله فيما يرويه عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة، ذكر الساجي عن ابن معين أنه حجة. وهذا قريب من الأول. وظاهر الاطلاق أنه سواء في هاتين الحالتين ما حدث به المدينة وما حدث به ببغداد، وهذا ممكن بأن يكون أتقن ما يرويه من هذين الوجهين حفظاً فلم يؤثر فيه تلقين البغداديين، وإنما أثر فيه فيما لم يكن يتقن حفظه فاضطرب فيه واشتبه عليه.
الثالثة: حاله فيما رواه من غير لوجهين المذكورين بالمدينة فهو في قول عمرو بن علي والساجي أصح مما حدث به ببغداد، ونحو ذلك قول على ابن أبن المديني على ماحكاه يعقوب وصرح ابن المدني في حكاية ابنه أنه صحيح. ويوافقه ما روي عن مالك من يوثقه إذ كان بالمدينة والإرشاد إلى السماع منه مخصصاً له من بين محدثي المدينة، ويلتحق بذلك ما رواه بالعراق قبل أن يلقنوه ويشبهو اعليه، أو بعد ذلك ولكنت من أصل كتابة، وعلى ذلك تحميل أحاديث الهاشمي عنه لثناء إن المديني عليها، بل الأقرب أن سماع الهاشمي منه أصل كتابه، فعلى هذا تكون أحاديثة عنه أصح مما حدث به بالمدينة من حفظه.
الرابعة: بقية حديثة ببغداد ففيه ضعف، إلا أن يعلم في حديث منذلك أنهكان يتقن حفظه مثل اتقانه لما يرويه عن أبيه عن الأعرج عن أبي هريرة، فإنه يكون صحيحاً وعلى هذا يدل صنيع الترمذي في انتقائه من حديثه وتصحيحه لعدة أحاديث منه، وقد دل كلام الإمام أحمد أن القلتين إنما أو قعة انتقائه في لاضطراب. فعلى هذا إذا جاء الحديث من غير وجه عنه على وتيرة واحدة دل ذلك على أنه من صحيح حديثه. فابن أبي الزناد الحالين الأولين وما يلتحق بهما أثبت من النهشلي بكثير، وفي الحال الثالثة إن لم يكن فوقهفليس بدونه، وفي الرابعة دونه. وهذا الحديث مما حدث به بالمدينة فان ممن وراه عنه عبد الله بن وهب كما في (سنن البيهقي) ج٢ص٣٣ بسند صحيح، وهو من أحاديث الهاشمي عنه كما في (سنن أبي داود) و (الترمذي) وغيرهما وجاء من غير وجه وتيرة واحدة وصححه من تقدم من الأئمة، فحاله فيه فوق حال النهشلي، وتأكد ذلك برجحان