على أن سواغ ذلك غير مسلم فإنه غير معروف ولا قرينة عليه، فأما إطلاق «الخيل» وإرادة «الفرسان» فمستفيض، وإنما يسوغ بقرينة، وإنما جاء حيث يكون المقام ذكر الجيش حيث لا تكون الخيل إلا مع فرسانها فيكون بينهماضرب من التلازم.
هب أنه اتجه المجداز فتقدم علىالمجاز محله في الكلمة الواحدة يجب حملها على معناها الحقيقي ولا يجوز حملها علىمعنى مجازى بلاحجة كما ارتبكه الأستاذ في غير موضوع. فأما روايتان مختلفتان متنافيتان والكلام في إحد اهما حقيقة وفي الأخرى مجاز صحيح بقرينته فلا يتجه تقديم الأولى للان المتكلم كما يتكلم بالحقيقة فكذلك يتكلم بالمجاز، والمخطئ كما يخطئ من الحقيقة إلى المجاز، فكذلك عكسه، بل احتمله أقرب، لأن أغلب ما يكون الخطأ بالحمل على المألوف، وغالب كا يقع من التصحيف كذلك، فقد رأيت مالا أحصيه اسم «زَبر» مصحفاً إلى «أنس» واسم «سعر» مصحفاً إلى «سعد» ولا أذكر أننى رأيت عكس هذا. قال الشاعر:
فمن يك سائلا عني فإني ... من الفتيان أيام الخُنان
وقال الآخر:
كساك ولم تستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل وياصر
فصحف الناس قافيتى هذين البيتين إلى «الختان. ناصر» وأمثال هذا كثيرة لا يخفى على من له إلمام.
وهكذا الخطاء في الأسانيد أغلب ما يقع بسلوك الجادة، فهشام بن عروة غالب روايته عن أبيه عن عائيشة، وقد يروى عن وهب بن كيسان عن عبيد بن عمير فقد يسمع رجل من هشام خبراً بالسند الثاني ثم مضي على السامع زمان فيشبه عليه فيتوهم أنه سمع ذاك الخبر من هشام بالسند الأول على ما هو الغالب المألوف، ولذلك تجد أئمة الحديث إذا وجدوا راويين اختلفا بأن رويا عن هشام خبراً واحداً جعله أحدهما عن هشام عن وهب عن عبيد، وجعله الآخر عن هشام عن أبيه عن