للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الولي قال: «أما إنه لو لم يعترف لأقمت عليه البينة» فإنما كان في الواقعة اعترف الرجل بالضرب وبتعمده وبآلته وصفته، وضرب الرأس بالفأس يقتضى قصد القتل، إلا أن هناك ما عارضه وهو وبتعمده وبآلته وصفته، وضرب الرأس بالفأس يقتضي قصد القتل، إلا أن هناك ما علرضه وهو أنه لم يسبق بينهما عداوة وكانت الفأس بيد الجاني يختبط بها فثار غضبه بسبب السب فضرب بما كان في يده وادعى أنه لم يرد القتل وأقسم على ذلك. فالحديث يدل أنه في مثل هذه الحال يقضى بأن القتل عمدٌ تأكيد للزجر عن القتل والتنفير عنه، ولا يمنع الولي من الاقتصاص ولكنه يحرم عليه فإن قيل: وكيف لا يمنع مما يحرم عليه؟ وقلت: لأنه لومنع منه حكماً لفات المقصود من تأكيد الزجر عن القتل. ويشبه هذا ما ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كا يعطى الملحف في السؤال وإن كان غير مستحق، وفي (مسند أحمد) و (المستدرك) وغيرهما من حديث أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وآله سلم قال: «أما والله إن أحدكم ليخرج بمسألته من عندي يتأبطها وما هي إلا نار. قال عمر: لم تعطيها إياهم؟ قال: ما أصنع؟ يأبون إلا ذلك ويأبى الله لي البخل» . وفي (صحيح مسلم) من حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إنهم خيروني أن يسألوني بالفحش أو يبخلوني، فلست بباخل» (١) .

فإذا حمل ذاك الحديث على معنى الذي ذكرنا لم يكن مخالفاً لكتاب الله عز وجل ولا للسنة الصحيحة ولا للنظر المعقول، فلا يكون منكراً، وعلى هذا بنى من قواه من المحدثين ووثق راويه المتفرد به مع ما فيه من الخلل. فإن أبى الحنفية إلا المعنى الذي يتشبثون به قلنا فعلى ذلك يكون الحديث منكراً فيرد ويضعف راوية اتفاقاً.

خذ أنف هرشى أو قفاها فإنما كلا جانبي هرشى لهن طريق

علىانه سيأتي في الحديث الثاني التقييد بأن يكون القتل في مناوشة بين عشيرتين بدون ضغينة ولا حمل سلاح فيقتل رجل لا يدرى من قاتله. وعلى هذا فلوصح هذا الحديث وكان مطلقاً لوجب حمله على ذاك المقيد. ومقتضى الحديث أنه في


(١) وأخرجه أبن حبان في «صحيحة» نبحوحديث أبي سعيد كما في «الترغيب» (٢/١٥) ، وهو في «موارد الظمآن» رقم (٢٠٧٤) مختصراً، وإسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>