وقد كان لابن عباس أصحاب حفاظ فقهاء كأنه ألزم له وأعلم به من عطاء ولم يروأحد منهم عنه في هذا الباب شيئاً، فأما ما روى عبد الرزاق عن إبراهيم بن أبي يحيى عن داود بن حصين عن عكرمة عن أبن عباس قال:«ثمن المجن الذي يقطع فيه دينار» ذكره ابن التركماني، فليس بشيء، إبراهيم ساقط ولا سيما إذا لم يصرح بالسماع، وأما حسن ظن الشافعي به فكأنه كان متماسكاً لما سمع منه الشافعي ثم ظهر فساده، وقد قال ابن أبي شيبة في (المنصف) : «حدثنا عبد الوهاب الثقفي عن خالد (بن مهران الحذاء) عن عكرمة قال: تقطع اليد في ثمن المجن. قال قلت له: ذكر لك ثمنه؟ قال أربعة أو خمسة وعبد الوهاب وخالد من الثقات المشهورين. أفتراه يكون عند عكرمة عن مولاه ابن عباس أنه دينار أو عشرة دراهم فيعدل عنه إلى مالا يدري عمن أخذه مع شكة فيه؟ فهذا كله يبين أن ابن عباس لم يقل ما رواه ابن إسحاق قط، وأن عطاء لم يحدث به عن ابن عباس قط، وإنما هو قول عطاء، وقد علمت مع ذلك أنه مبنى على الحدس. والله الموفق.
فإن قيل: فقد قال البخاري في (التاريخ) : «وقال الوليد بن كثير حدثني من سمع عطاء عن ابن عباس –مثله» . قلت: وصله الدارقطني ص٣٦٩ «حدثنا أحمد نا شعيب بن أيوب نا أسامة عن الوليد بن كثير حدثني عن سمع عطاء عن ابن عباس أن ثمن المجن يومئذ عشرة»
قلت: أبو أسامة كان يدلس ثم ترك التدليس بأخرة ولا يدرى متى حدث بهذا؟ وشيخ الوليد لا يدرى من هو، ولو كان به طرق لما كنى عنه، وقد كان من أهل بلد الوليد ممن يحدث عن عطاء محمد بن عبد الله العرزمى الهالك ولا يبعد أن يكون الوليد إنما سمعه منه فليس في هذا ما يجدى، والصواب ما تقدم.
قال الطحاوي:«حدثنا أبن أبي داود وعبد الرحمن بن عمروالدمشقي قال ثنا الوهبي قال: ثنا ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده -مثله» يعنى مثل حديثه المتقدم الذي رواه بهذا السند عن ابن إسحاق عن أيوب بن موسى عن