تحله الحوادث أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلاً للتغيرات والاستحالات ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم، وهذا معنى صحيح، ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه، ولا له كلام ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته، وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان، أو مجيء وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعل أصلاً، بل عين المخلوقات هي الفعل، ليس هناك فعل ومفعول، وخلق ومخلوق، بل المخلوق عين الخلق، والمفعول عين الفعل ونحو ذلك، وابن كُلاَّب ومن اتبعه وافقوهم على هذا، وخالفوهم في إثبات الصفات.
الإمام الأشعري يثبت الصفات بالشرع تارة وبالعقل أخرى وكذلك الأشعري يثبت الصفات بالشرع تارة وبالعقل أخرى، ولهذا يثبت العلوّ ونحوه مما تنفيه المعتزلة، ويثبت الاستواء على العرش، ويرد على من تأوله بالاستيلاء ونحوه مما لا يختص بالعرش- أي هو تعالى مستول على كل شيء من مخلوقاته لا على العرش وحده، وهو العالي على كل شيء، المحيط بكل شيء في جميع أحواله من نزوله وارتفاعه، لا يحيط به شيء، ولا يحتوي عليه شيء. وكان الأشعري وأئمة أصحابه يقولون: أنهم يحتجون بالعقل لما عرف ثبوته بالسمع، فالشرع هو الذي يعتمد عليه في أصول الدين، والعقل عاضد له معاون، لكن المعتزلة القائلين بأن دلالة السمع موقوفة على صحته صرحوا بأنه لا يستدل بأقوال الرسول على ما يجب ويمتنع من الصفات بل ولا الأفعال، وصرحوا بأنه لا يجوز الاحتجاج على ذلك بالكتاب والسنة وإن وافق العقل، فكيف إذا خالفه.
وهذه الطريقة هي التي سلكها من وافق المعتزلة في ذلك.
وأما الأشعري وأئمة أصحابه فإخهم مثبتون لها (أي الصفات الخبَرية) يردون على من ينفيها، أو يقف فيها فضلاً عمن يتأولها.
وأمَّا مسألة قيام الأفعال الاختيارية به، فإنَّ ابن كُلاَّب والأشعري وغيرهما ينفونها، وعلى ذلك بنوا قولهم في مسالة القرآن، وبسبب ذلك وغيره تكلم الناس فيهم في هذا الباب بما هو معروف في كتب أهل العلم ونسبوهم إلى البدعة، والصواب أن الله