فإذا كان الاول هو الاهم فحقه أن يقال مثلا ً:(تقطع اليد في ربع دينار) . وإذا كان الثاني هو الاهم فحقه أن يقال مثلاً:(لا تقطع اليد إلا في ربع دينار) . وإذا كانا سواء جمع بين اللفظين فلما كان الاهم في الواقعة التي ذكرها أبو بكر هو الحكم الثاني وقع التعبير لما يوافقه. والاشبه أن التصرف من أبي بكر، سمع الحديث في صدد بيان الحكم الثاني.
فثبت في ذهنه بالمعنى المقتضي للفظ الثاني فعبر بذلك، ثم كأنه أستشعر حيث أخبر النسائي أن أصل لفظ عمرة يقتضي المعنيين على السواء فجمع بين اللفظين، وأنما كان لفظ الحديث يقتضي أهمية الاول، والمقام يقتضي أهمية الثاني فتدبر.
الثالث: سليمان بن يسار. أخرجه مسلم في (الصحيح) من طريق ابن ووهب مخرمة ابن بكير بن الاشج «عن أبيه عن سليمان بن يسار عن عمرة انها سمعت عائشة تحدث أنها سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: لا تقطع اليد إلا في ربع دينار فصاعداً» . وأخرجه الطحاوي عن يونس عن ابن وهب مثله إلا أنه قال «يد السارق»
قال الطحاوي: أنتم تزعمون أن مخرمة لم يسمع من أبيه. حدثنا ابن أبي داود قال: ثنا ابن أبي مريم عن خاله موسى ابن أبي سلمة قال سألت مخرمة بن بكير: هل سمعت من أبيك شيئاً؟ فقال: لا» .
اقول: قال ابوداود: «لم يسمع من أبيه الا حديثاً واحداً وهو حديث الوتر» فقد سمع من أبيه في الجملة، فان كان ابوه اذن له ان يروي ما في كتابه ثبت الإتصال والا فهي وجادة، فان ثبت صحة ذاك الكتاب قوي الأمر، ويدل على صحة الكتاب ان مالكاً كان يعتد به، قال أحمد:«اخذ مالك كتاب مخرمة فكل شيء يقول: بلغني عن سليمان بن يسار فهو من كتاب مخرمة عن أبيه عن سليمان» . وربما يروي مالك عن الثقة عنده عن بكير بن الأشج. وقد قال ابوحاتم: «سالت اسماعيل بن أبي اويس قلت: هذا هو الذي يقول مالك: حدثني الثقة - من هو؟