عروة أخبرنا عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت: لم تقطع يد سارق على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في أدنى من ثمن المجن ترس أو حجفة، وكان كل منها ذا ثمن» .
فالأول: مداره على عثمان بن أبي شيبة عن عبدة وعن حميد، وقد خولف عن كل منهما فرواه مسلم في (صحيحه) عن محمد بن عبد الله بن نمير عن حميد بسنده: «لم تقطع يد سارق في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في أقل من ثمن المجن حجفة أو ترس وكلاهما ذوثمن» . وهذا على الوجه الثالث كما ترى. ورواه البيهقي في (السنن) ج٨ ص ٢٥٦ من طريق هارون بن إسحاق عن عبدة بسنده «لم تكن يد تقطع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في أقل من ثمن المجن حجفة أو ترس» .
وهذا على الوجه الثاني كما ترى، وبهذا بان ضعف الوجه الأول، بل ظاهره باطل، لأنه يعطي أن القطع لم يقطع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة في ذاك المجن، وقد ثبت قطع سارق رداء صفوان الذي كانت قيمته ثلاثين درهماً. وثبت قطع يد المخزومية التي كانت تستعير الحلي ثم تجحده.
وأما الوجه الثاني فقد اختلف على عبدة كما رأيت، وكذلك اختلف على ابن المبارك، رواه النسائي عن سويد بن نصر عن ابن المبارك عن هشام عن أبيه عن عائشة:«لم تقطع يد سارق في أدنى من حجفة أو ترس، وكل واحد منهما ذوثمن» .
وهذا على الوجه الثالث كما ترى. فبان رجحان الوجه الثالث، لأنه رواه عن هشام أبو أسامة ولم يختلف عليه فيه، ورواه ابن نمير عن حميد عن هشام وابن نمير اثبت من عثمان بن أبي شيبة، ورواه سويد بن نصر عن ابن المبارك عن هشام.
... وقد رجح الشيخان والنسائي الوجه الثالث.
أما البخاري فساقها على هذا الترتيب، ثم عقب بحديث ابن عمر، فأشار والله أعلم بالترتيب إلى ترتيبها في القوة، فالثاني أقوى من الأول، والثالث أرجح منهما.