والولادة يعسر العلم بها إلا من جهة النساء فأخذنا النساء من ذلك قبول شهادتين فيها.
قلنا: أما قبول قولها وحدها في حيضها وحملها، فهذا مما تختص هي بمعرفته دون غيرها، والولادة ليست كذلك بل يطلع عليها غيرها من النساء، أفرأيتم إذا أخذتم من ذلك قبول شهادة النساء على الولادة فمن أين أخذتم أنها تكفي امرأة واحدة؟ فقد تحضر عدة قوابل وقد تحضر مع القابلة عدة نساء وقد يحيط رجال بالخيمة مثلاً بعد كشفها، والعلم بأنه ليس فيها إلا المرأة الحامل، ثم يحرسون الخيمة إلى أن تكشف فلا يكون فيها إلا المرأة وطفل معها فيشهد الرجال شهادة محققة أنها ولدت ذاك الطفل، دع قضية الرجال فإنها نادرة، ولكن هل قلتم دلت هذه الآية على قبول شهادة النساء في الولادة، ودلت آية الدين على اشتراط العدد، فيؤخذ من الآيتين قبول شهادة أربع نسوة كما يقول الشافعي؟ أو ليس إذا قبلتم شهادة امرأة واحدة فيما يختص به النساء لزمكم قبول رجل واحد فيما يختص به الرجال كما يتفق في الجامع يوم الجمعة؟ بل في كل شيء إلا أنه إذا كفت امرأة واحدة فيما يختص به النساء ورجل فيما يختص به الرجال فما لا يختص لا يتجه فيه إلا أحد أمرين: إما أن يكفي الواحد رجلاً كان أو امرأة، وإما أن يشترط رجل أو امرأتان، فقد دلت السنة على هذا فيما يتعلق بالأموال ورادتكم يميناً.
فإن قلتم لكن الشافعي لا يقول بقبول شهادة المرأتين مع اليمين.
قلنا: قد قال بذلك أستاذه مالك وهو مذهب قوي كما سلف؛ والله الموفق.