للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثال ذلك: ما ذكره الإسنوي من اعتراض الخصم على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا} [الحشر: ٢] على حجية القياس بقوله: "إنه لا يلزم من الأمر بالاعتبار الذي هو القدر المشترك الأمر بالقياس؛ فإن القدر المشترك معنى كلي، والقياس جزئي من جزئياته، والدال على الكلي لا يدل على الجزئي" (١).

وذكر جواب البيضاوي على هذا الاعتراض، ثم أضاف جوابه فقال: "وقد يجاب بجواب آخر؛ وهو: أن الأمر بالماهية المطلقة وإن لم يدل على وجوب الجزئيات؛ لكنه يقتضي التخيير بينهما عند عدم القرينة، والتخيير يقتضي جواز العمل بالقياس، وجواز العمل به يستلزم وجوب العمل به؛ لأن كل من قال بالجواز قال بالوجوب" (٢).

فاستدرك المطيعي على جواب الإسنوي فقال: "قال الإسنوي: (وقد يجاب بجواب آخر؛ وهو: أن الأمر بالماهية المطلقة وإن لم يدل على وجوب الجزئيات إلى آخره). أقول: يرد على هذا أن للخصم أن يقول: إن كونه يقتضي التخيير بينها عند عدم القرينة إنما يتم إذا لم نحمل الآية على الاتعاظ دون القياس الشرعي، وأما إذا حملناه على ذلك بقرينة صدر الآية فلا يقتضي التخيير؛ بل يتعين حمله على الاتعاظ، فيضطر أن يقول: العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب، ويلغو هذا الجواب.

وأما قول الإسنوي: (وجواز العمل به يستلزم وجوب العمل به إلى آخره)،


(١) نهاية السول - مطبوع مع حاشية المطيعي- (٤/ ١٤).
(٢) المرجع السابق.

<<  <   >  >>