للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التتميم البليغ؛ لأنه لما أوهم مدحه بوصفه الصدق في قوله: (صدقك) استدرك نفي الصدق عنه بصيغة مبالغة، والمعنى: صدقك في هذا القول مع أن عادته الكذب المستمر" (١).

سبب الاستدراك: دفع وهم قد يتولد للسامع من الكلام السابق.

نوع الاستدراك: استدراك تكميل للفائدة.

• القسم الثالث: أمثلة لورود الاستدراك في السنة بسبب تصحيح خطأ المُستدرَك عليه:

• الحديث الخامس:

حديث أنَسِ بن مالِكٍ - رضي الله عنه - قال: جاءَتْ أمُّ سُليْمٍ (٢)

إلى رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فقالت له -وعَائِشَةُ عِنْدهُ-: يا رسُولَ اللهِ، الْمرْأَةُ ترَى ما يرَى الرَّجلُ في المَنَامِ، فتَرَى من نَفْسهَا ما يرَى الرَّجلُ من نَفْسهِ. فقالت عَائشَةُ: يا أمَّ سلَيْمٍ، فَضَحتِ النّسَاءَ (٣) تَربَتْ يَمِينكِ (٤)!


(١) فتح الباري (٩/ ٥٦).
(٢) هي: أمُّ سُليْمٍ، أم أنس بن مالك خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، واختلفوا في اسمها؛ فقيل: اسمها سهلة، وقيل: مليكة، وقيل: رميثة، وقيل: أنيفة، وقيل: الرميصاء، وقيل: الغميصاء، بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية الخزرجية، وكانت من فاضلات الصحابيات ومشهوراتهن، وهي أخت أم حرام بنت ملحان - رضي الله عنهما -، شهدت أحدًا وحنينًا، مات زوجها مالك بن النضر، ثم تزوجها أبو طلحة الأنصاري، وكان مهرها إسلامه.

تُنظر ترجمتها في: صفة الصفوة (٢/ ٦٥)؛ الاستيعاب (٤/ ١٩٤٠)؛ الإصابة (٨/ ٤٥).
(٣) قول عائشة -رضى الله عنها-: "فضحت النساء " معناه: حكيت عنهن أمرًا يستحيا من وصفهن به ويكتمنه؛ وذلك أن نزول المني منهن يدل على شدة شهوتهن للرجال. يُنظر: شرح النووي على صحيح مسلم (٣/ ٢٢١).
(٤) قال النووي: "قولها: (تربت يمينك) فيه خلاف كثير منتشر جدًّا للسلف والخلف من الطوائف كلها، والأصح الأقوى الذي عليه المحققون في معناه: أنها كلمة أصلها: افتقرت؛ ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي، فيذكرون: (تربت يداك)، و (قاتله الله ما أشجعه)، و (لا أم له)، و (لا أب لك)، و (ثكلته أمه)، و (ويل أمه)، وما أشبه هذا من ألفاظهم، يقولونها عند إنكار الشيء، أو الزجر عنه، أو الذم عليه، أو استعظامه، أو الحث عليه، أو الإعجاب به". المرجع السابق.

<<  <   >  >>