للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• ثامنًا: عدم القطع بصحة الاستدراك فيما يدخله الاجتهاد.

فلا يدعي المستدرِك أن ما حققه هو الصواب المطلق، والصحيح الحق؛ بل يقرر ما يراه، ولا يقطع بصحته.

ومثال هذا في الأصول: قال ابن الحاجب في (الاعتراضات الواردة على القياس): "الخامس عشر: المعارضة في الأصل بمعنى آخر؛ إما مستقل؛ كمعارضة الطعم بالكيل، أو القوت، أو غير مستقل؛ كمعارضة القتل العمد العدوان بالجارح، والمختار قبولها.

لنا: لو لم تكن مقبولة لم يمتنع الحكم؛ لأن المدَّعَى علة ليس بأولى بالجزئية أو بالاستقلال من وصف المعارضة ... " (١).

قال الأصفهاني في شرحه: " ... وأما غير المستقل بالتعليل؛ مثل ما إذا علل المستدل الحكم بمعنى وأثبته بطريق، وأبدى المعارض معنى آخر في الأصل، وأثبت كونه جزءًا من العلة في الأصل؛ كمعارضة من علل وجوب القصاص بالقتل العمد العدوان بالجارح في الأصل على وجه يكون وصف الجارح جزءًا من العلة في الأصل.

واختلف في قبول القسم الثاني (٢)، واختار المصنف قبوله، واحتج عليه بوجهين:

الأول: لو لم تكن المعارضة بالقسم الثاني مقبولة؛ لزم أن لا يمتنع التحكم، والتالي (٣) باطل.

بيان الملازمة: أن دليل المستدل دل على علية الوصف المدَّعَى علة بالاستقلال، ودليل المعترض على عليته بالجزئية, فلو لم تقبل المعارضة لزم التحكم؛ لأن الوصف المدعى علة ليس بأولى بالجزئية أو الاستقلال، فكما جاز أن يكون علة مستقلة؛ جاز أن


(١) يُنظر: مختصر ابن الحاجب (٢/ ١١٥١ - ١١٥٢)، والمطبوع مع بيان المختصر (٣/ ٢١٢).
(٢) وهو: المعارض غير المستقل بالتعليل.
(٣) التالي: الجزء الثاني في المقدمة الكبرى من القياس الاستثنائي، وقد سبق الإشارة إليها في (ص: ٤٢٧).

<<  <   >  >>