للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

•المطلب الثاني

الآثار السلبية للاستدراك الأصولي وتطبيقاتها

من النتائج السلبية للاستدراك: أنه كان سببًا في توسع بعض المسائل الأصولية توسعًا أورث تعقيدًا في المسألة الأصولية، وخروجًا عن المقصود.

وقد ذكر ابن خلدون ذم التوسع في علوم الآلات والوسائل فقال: "كما فعل المتأخرون في صناعة النحو وصناعة المنطق وأصول الفقه؛ لأنهم وسعوا دائرة الكلام فيها، وأكثروا من التفاريع والاستدلالات، بما أخرجها عن كونها آلة، وصيرها من المقاصد، وربما يقع فيها أنظار لا حاجة بها إلا في العلوم المقصودة، فهي من نوع اللغو، وهي أيضًا مضرة بالمتعلمين على الإطلاق؛ لأن المتعلمين اهتمامهم بالعلوم المقصودة أكثر من اهتمامهم بوسائلها، فإذا قطعوا العمر في تحصيل الوسائل فمتى يظفرون بالمقاصد؛ فلهذا يجب على المعلمين لهذه العلوم الآلية أن لا يستبحروا في شأنها، وينبهوا المتعلم على الغرض منها، ويقفوا به عنده، فمن نزعت به همته بعد ذلك إلى شيء من التوغل؛ فليرق له ما شاء من المراقي صعبًا أو سهلاً، وكل ميسر لما خلق له" (١).

فمن الآثار السلبية: تطور أسلوب الفنقلة بشكل سلبي؛ حيث تحول إلى صورة جدلية بين الأصولي المصنف والمستدرك على مسائله؛ إما بصورة حقيقية أو تقديرية، فغابت معها إحدى غايات دراسة علم أصول الفقه المتمثلة في: تفعيل الاجتهاد والتطبيقات الفقهية، فكثرة الإيرادات والاعتراضات والتنظيرات العقلية مما يُنسيك مهمتك الأولى الجوهرية التي هي التحقق من القاعدة، ثم البحث عن فروعها الفقهية. (٢)


(١) يُنظر: مقدمة ابن خلدون (ص: ٥٣٧).
(٢) يُنظر: نظرية النقد الأصولي - دراسة في منهج النقد عند الإمام الشاطبي - (ص: ١٢٣٠١٢٤).

<<  <   >  >>