للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• أمثلة الاستدراك بـ (دليل العادة والعرف (١)):

• المثال الأول:

ذكر الباجي في مسألة (دلالة صيغة افعل) من بين أدلة القائلين بالتوقف وعدم حمل الصيغة على أحد محتمليه إلا بقرينة تدل على المراد: "أما هم فاحتج من نصر قولهم في ذلك بأن لفظ (الأمر) لو كان يدل على الوجوب بمفرده؛ لوجب إذا صُرف إلى الندب بقرينة أن يكون ذلك مجازًا لا حقيقة.

والجواب: أن هذا ليس بصحيح؛ لأن اللفظ إنما يستغني عن قرينة فيما شهر بالاستعمال فيه، ويفتقر إلى قرينة فيما عُرْفه أن يستعمل في غيره أكثر؛ كالغائط الذي هو حقيقة في المطمئن من الأرض، ومجاز في قضاء الحاجة، ثم مع ذلك يفتقر إلى قرينة في استعماله في حقيقته، ولا يفتقر إلى قرينة في استعماله في مجازه؛ وإنما ذلك بحسب عرف الاستعمال" (٢).


(١) العادة: ما استمر الناس عليه على حكم العقول، وعادوا إليه مرة بعد أخرى. يُنظر: التعريفات (ص: ١٨٨)؛ الكليات (ص: ٦١٧).
والعرف: ما استقر في النفوس من جهة شهادات العقول، وتلقته الطباع السليمة بالقبول. يُنظر: التعريفات (ص: ١٩٣)؛ الكليات (ص: ٦٧١).
وقيل في الفرق بينهما ثلاثة أقول:
- الأول: أنه لا فرق بينهما، فهما بمعنى واحد.
- الثاني: أن العرف مخصوص بالقول، والعادة مخصوصة بالعمل.
- الثالث: بينهما عموم وخصوص مطلق، فالعادة أعم من العرف، إذ العادة تطلق على العادة الجماعية وهي العرف، وتطلق أيضا على العادة الفردية، فكل عرف عادة لا العكس. يُنظر: العرف والعادة في رأي الفقهاء (ص: ١١ - ١٣).
(٢) إحكام الفصول (١/ ٢٠٣).

<<  <   >  >>