للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

•المطلب الثاني

مرحلة الاستدراك التقعيدي

بعد أن دون الإمام الشافعي رسالته في علم الأصول سلك هذا العلم مسالك متشعبة، فكتب كثير من الأئمة في هذا العلم على اختلاف مذاهبهم، فظهرت اتجاهات مختلفة في تدوين علم أصول الفقه، فكانت هذه المرحلة تدوين وتقعيد أصول كل مذهب.

وكان نتاج الفكر الأصولي في هذه المرحلة يمثل قمة الاجتهاد الأصولي، وأكثر ما جاء بعده ما هو إلا دائر في فلكه.

قال الزركشي: "وجاء من بعده (١) فبَيَّنُوا وأوضحوا وبسطوا وشرحوا؛ حتى جاء القاضيان: قاضي السُّنة أبو بكر بن الطيب، وقاضي المعتزلة عبدالجبار، فوسعا العبارات، وفكا الإشارات، وبَيَّنَا الإجمال، ورفعا الإشكال، واقتفى الناس بآثارهم، وساروا على لَاحِبِ (٢) نارهم، فحرَّروا، وقرَّروا، وصوَّروا، فجزاهم الله خير الجزاء، ومنحهم بكلِّ مسَرَّةٍ وهناءٍ" (٣).

ويمكن تصنيف الاستدراكات الأصولية في هذه المرحلة إلى مجموعتين:

المجموعة الأولى: استدراكات أصولية على المخالف في الاعتقاد في مرحلة التقعيد.

المجموعة الثانية: استدراكات أصولية على المخالف في المذهب الفقهي في مرحلة التقعيد.


(١) أي بعد الإمام الشافعي.
(٢) اللاحِبُ: الطريق الواضح. يُنظر: الصحاح (ص: ٩٣٩)؛ لسان العرب (١٣/ ١٧٤) مادة: (لحب).
(٣) يُنظر البحر المحيط (١/ ٦).

<<  <   >  >>