للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• القسم الثالث: استدراك عقلي بالتمثيل (القياس الأصولي) (١).

قياس التمثيل، وهو القياس الأصولي المعروف (٢)، وهو: حمل جزئي على جزئي آخر في حكمه؛ لاشتراكهما في علة الحكم (٣).

مثل: النبيذ حرام قياسًا على الخمر؛ بجامع الإسكار في كل منهما (٤).

• أمثلة استدراك عقلي بالتمثيل (قياس الأصولي):

• المثال الأول:

قال الجصاص في مسألة (دلالة صيغة الأمر المطلقة): "وأيضًا فإن قوله: (افعل) لا يخلو من أن يكون للإيجاب، أو الندب، أو الإباحة، فيكون مقتضيًا لجميع ذلك على الحقيقة، أو لبعضها حقيقة ولبعضها مجازًا، فإن كان حقيقة في الإيجاب مجازًا فيما سواه على ما يقوله؛ فواجب حمله على الحقيقة فلا يصرف إلى المجاز إلا بدلالة، وإن كان حقيقة في كل شيء من ذلك فقد صار حقيقة في الإيجاب وأفادنا باللفظ؛ فغير جائز صرفه عنه إلى غيره؛ لأن حكم اللفظ استعماله على الحقيقة".


(١) ذكر الشيخ محمد الأمين الشنقيطي أن قياس التمثيل الذي هو القياس الأصولي لا فرق بينه وبين القياس المنطقي في الحقيقة؛ لأنك إذا جعلت الفرع فيه حدًّا أصغرَ، والأصل حدًّا أكبرَ، والعلة حدًّا أوسطَ؛ كان قياسًا اقترانيًا، فلو قلت مثلاً: الذرة يحرم فيها الربا قياسًا على البر بجامع الكيل؛ فهذا قياس تمثيل، وهو القياس الأصولي، فإن جعلت الذرة في هذا القياس حدَّا أصغرَ، والبُرَّ حدَّا أكبر، والكيل حدًّا أوسط؛ كان قياسًا اقترانيًا, وكيفية نظمه أن تقول: الذرة مكيلة، وكل مكيل يحرم فيه الربا، النتيجة: الذرة يحرم فيها الربا. وبه تعلم أن تفريق المنطقيين بين قياس التمثيل وقياس الاقتران زاعمين أن الأول لا يفيد القطع، والثاني يفيده غلط منهم؛ لأن مرجعهم في الحقيقة إلى واحد، وكون النتيجة قطعية أو غير قطعية راجع في كل منهما إلى المقدمات التي يتركب منها الدليل. يُنظر: آداب البحث والمناظرة -بتصرف- (٢/ ٢٩١ - ٢٩٢).
(٢) يُنظر: ضوابط المعرفة (ص: ٢٨٩ - ٢٩٠)؛ تيسير المقدمة المنطقية (ص: ٥٢).
(٣) يُنظر: المرجعان السابقان.
(٤) يُنظر: المرجعان السابقان.

<<  <   >  >>