للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قلت: هذا الذي فهمت من كلام الشيخ أبي محمد (١)، وكلامه في ذلك مضطرب؛ لأنه قال: وقال أبو الخطاب: يبنى عليه. أي: يبنى المطلق على المقيد من جهة القياس؛ لأن تقييد المطلق كتخصيص العموم، وذلك جائز بالقياس الخاص.

قلت: فتعليله في آخر هذا الكلام يدل على ما قلت، وفهمت من كلامه؛ وهو أن حمل المطلق على المقيد هاهنا يحتاج إلى قياس عاضد موافق له، كما أن تخصيص العام يحتاج إلى قياس مخصص؛ لكن صدر كلامه وهو قوله (٢): (يبنى المطلق على المقيد من جهة القياس) يحتمل ما فهمته من كلامه، ويحتمل أن المطلق يحمل على المقيد بطريق القياس؛ وهو قياس صورة الإطلاق على صورة التقييد، بجامع القدر المشترك بينهما من اتحاد الحكم؛ لا من جهة أن المتكلم أراد بالإطلاق ما دل عليه التقييد" (٣).

• ثالثًا: تحديد خلل المستدرَك عليه.

وهذا يساعد كثيرًا في فهم الاستدراك، والوصول إلى إصابة الحق، ويحقق العدل والإنصاف مع الآخرين، فلا يعمم القول بالتخطئة؛ بل يقسم ويفصل الكلام، ويميز آحاد الموضوع بعضها عن بعض.

وهذا أيضًا منهج نبوي، فلما عبر أبو بكر - رضي الله عنه - رؤيا لأحد الصحابة قال: «فَأَخْبرْنِي يا رسُولَ اللهِ بأَبِي أنت أصَبْتُ أمْ أخْطَأْتُ؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أصَبْتَ بعْضًا وأَخْطَأْتَ بعْضًا» (٤).

فلم يعمم - صلى الله عليه وسلم - الحكم بالخطأ في تأويل الرؤيا؛ بل ذكر أنه على قسمين: منه الخطأ،


(١) أي: ابن قدامة المقدسي صاحب روضة الناظر.
(٢) أي قول ابن قدامة في الروضة. يُنظر: روضة الناظر (٢/ ١٠٧).
(٣) يُنظر: شرح مختصر الروضة (٢/ ٦٤٠).
(٤) يُنظر: صحيح البخاري، ك: التعبير، ب: من لم يرَ الرّؤْيَا لأَوَّلِ عَابرٍ إذا لم يصِبْ، (٦/ ٢٥٨٢/ح: ٦٦٣٩)؛ صحيح مسلم، ك: الرؤيا، ب: في تَأْويلِ الرّؤْيَا، (٤/ ١٧٧٧/ح: ٢٢٦٩).

<<  <   >  >>