وما المانع أن يكون استدلالهم على الإجماع لا بهذه الأحاديث؛ بل بغيرها، سلمنا استدلالهم بها على ذلك لكنه دور؛ لما فيه من الاستدلال بالأحاديث على الإجماع، والاستدلال على صحة الأحاديث بالإجماع. ثم ما ذكرتموه في الدلالة على صحتها من عدم النكير معارض بما يدل على عدم صحتها؛ وذلك أنها لو كانت معلومة الصحة مع أن الحاجة داعية إلى معرفتها لبناء هذا الأصل العظيم عليها لإحالة العادة أن لا تعرف الصحابة للتابعين طريق صحتها قطعًا للشك والارتياب.
قلنا: جواب الأول: أن الإجماع من أعظم أصول الدين، فلو وجد فيما يستدل به عليه نكير؛ لاشتهر ذلك فيما بينهم، وعظم الخلاف فيه؛ كاشتهار خلافهم فيما هو دونه من مسائل الفروع؛ كاختلافهم في دية الجنين، وقوله: أنت علي حرام، وحد الشرب، ومسائل الجد والإخوة، إلى غير ذلك، ولو كان كذلك؛ لكانت العادة تحيل عدم نقله؛ بل كان نقله أولى من نقل ما خولف فيه من مسائل الفروع؛ بل أولى من نقل خلاف النظام في ذلك مع خفائه وقلة الاعتبار بقوله ....
وجواب الثالث: أن الاستدلال على صحة الأخبار لم يكن بالإجماع؛ بل بالعادة المحيلة لعدم الإنكار على الاستدلال بما لا صحة له فيما هو من أعظم أصول الأحكام، والاستدلال بالعادة غير الاستدلال بالإجماع؛ وذلك كالاستدلال بالعادة على إحالة دعوى وجود معارض للقرآن واندراسه، ووجود دليل يدل على إيجاب صلاة الضحى وصوم شوال". (١)
• مثال الاستدراك بـ (دليل الحس):
قال ابن رشد عند حديثه عن (أركان الحكم): "وأما المحكوم فيه: (وهو الفعل) فإنه مجاز كونه مكتسبًا للعبد باختياره، مع اعتقاد اكتسابه طاعةً وامتثالاً .... وأما الشيخ أبو الحسن فليس من شرط الفعل عنده أن يكون مكتسبًا؛ بل يرى أن