للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• المثال الثالث:

قال الآمدي في مسألة (حجية الإجماع): "اتفق أكثر المسلمين على أن الإجماع حجة شرعية يجب العمل به على كل مسلم، خلافًا للشيعة والخوارج والنظام من المعتزلة" (١).

ثم ذكر عددًا من الاستدراكات بين الخصمين بدليل (العادة)، فبعد أن ذكر دليل القائلين بحجية الإجماع في استدلالهم بالسنة بعدد من روايات الصحابة المختلفة الألفاظ المتفقة المعنى في الدلالة على عصمة هذه الأمة عن الخطأ والضلالة أورد استدراكًا من الخصم القائل بعدم حجية الإجماع: (فإن قيل: هذه كلها أخبار آحاد تبلغ مبلغ التواتر ولا تفيد اليقين، وإن سلمنا التواتر؛ ولكن يحتمل أنه أراد به الخطأ والضلالة عن الأمة عصمة جميعهم عن الكفر لا بتأويل ولا شبهة. ويحتمل أنه أراد بهم عصمتهم عن الخطأ في الشهادة في الآخرة، أو فيما يوافق النص المتواتر، أو دليل العقل دون ما يكون بالاجتهاد ....

والجواب عن السؤال الأول من وجهين: ... الوجه الثاني: أن هذه الأحاديث لم تزل ظاهرة مشهورة بين الصحابة ومن بعدهم متمسكًا بها فيما بينهم في إثبات الإجماع من غير خلاف فيها ولا نكير إلى زمان وجود المخالفين، والعادة جارية بإحالة اجتماع الخلق الكثير والجم الغفير مع تكرر الأزمان، واختلاف هممهم ودواعيهم ومذاهبهم على الاحتجاج بما لا أصل له في إثبات أصل من أصول الشريعة؛ وهو الإجماع المحكوم به على الكتاب والسنة من غير أن ينبه أحد على فساده وإبطاله وإظهار النكير فيه.

فإن قيل: من المحتمل أن أحدًا أنكر هذه الأخبار ولم ينقل إلينا، ومع هذا الاحتمال فلا قطع قولكم: إن الصحابة والتابعين استدلوا بها على الإجماع لا نسلم ذلك.


(١) الإحكام للآمدي (١/ ٢٦٦).

<<  <   >  >>