للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد ألزم نفسه بهذا وجعله من منهجه العلمي حيث قال: "وحقنا: أن نُحَكّم الأصول فيما نأتي ونذر، ولا نسلك بمسلك الحقائق ذبًّا عن مذهب" (١).

• خامسًا: النظر في مآلات الاستدراك ومراعاة المصلحة.

ووجه ذكر هذا الأدب بعد الأدب السابق: أن النظر في مآلات الاستدراك وما تقتضيه المصلحة توجب الشجاعة في نقد القول والاستدراك عليه؛ ولكن قد تقتضي المصلحة عدم التصريح باسم المستدرَك عليه، وقد تقتضي المصلحة أيضًا عدم التصريح باسم المستدرِك.

فمن مصلحة عدم التصريح باسم المستدرَك عليه: خشية ازدياد الخلاف، أو خشية رد الاستدراك، أو الوقوع في محظور شرعي.

قال ابن عقيل: "وفي الجملة والتفصيل: الأدب معيار العقول، ومعاملة الكرام، وسوء الأدب مقطعة للخير، ومدمغة للجاهل، فلا تتأخَّرُ إهانته، ولو لم يكن إلا هجرانه وحرمانه" (٢).

فإنه قد يكون من الحكمة أن لا يصرح المستدرِك باسم المستدرَك عليه؛ خاصة إذا كان المستدرَك عليه له منزلة رفيعة؛ فإن تصريحه بالمخالفة له قد يكون سببًا في هجر قول المستدرِك.

ولعل هذا السبب هو الذي جعل الشافعية لا يقدمون على شرح البرهان للجويني لتصريحه المخالفة للأشعري وغيره.

جاء في الفكر الأصولي (٣): "رغم الأهمية العلمية لكتاب البرهان في أصول الفقه


(١) يُنظر: البرهان (١/ ٥٩٥).
(٢) يُنظر: الواضح في أصول الفقه (١/ ٥٢٩).
(٣) يُنظر: (ص: ٣١٧).

<<  <   >  >>