استدرك الأستاذ أبو إسحاق التعبير بتأخير البيان إلى وقت الحاجة، ونقل ذلك عنه ابن السبكي فقال:"قال الأستاذ في كتابه: هذه العبارة مُزَيَّفة - يعني: تأخير البيان إلى وقت الحاجة - قال: وهي لائقة بمذهب المعتزلة دون مذهبنا؛ لأن عندهم المؤمنين بحاجة إلى التكليف نحو: العبادات؛ لينالوا بها الدرجات الرفيعة ويستحقوها على طريق المعاوضة. وعندنا: الباري تعالى يُنْزِلُ المؤمنين الجنة فضلاً، ويُدْخِلُ الكافرين النار عدلاً، فالعبارة الصحيحة على مذهبنا أن نقول: تأخير البيان عن وقت وجوب الفعل بالخطاب، وإلى وقت وجوب الفعل"(١).
• المثال الثاني:
ترجم بعض علماء الأصول لمسألة (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أم لا؟ ) بـ (الأمر المطلق هل يقتضي الفور أو التراخي؟ )، واستدرك عدد من علماء الأصول
(١) الإبهاج (٥/ ١٦٠٥). وراعى ذلك ابن السبكي في جمع الجوامع فقال: (تأخير البيان عن وقت الفعل غير واقع وإن جاز). وعلق المَحَلِّي على ذلك فقال: (وقوله: " الفعل " أحسن -كما قال- من قول غيره: "الحاجة"). واستدرك عليه البناني بقوله: (رُدَّ بأنه لا يلزم من التعبير بالحاجة القول بمذهب المعتزلة المذكور؛ فإنه لا يتوقف على الحاجة إلى التكليف؛ بل على حاجة المكلف إلى بيان ما كُلِّف به). يُنظر: المحلى على جمع الجوامع مع حاشية البناني (٢/ ٦١). وقد ذكر الزركشي كلام الأستاذ وقال: " وهي مشاحة لفظية، وقد عُرف أن المَعْنِيَّ بالحاجة -كما قال إمام الحرمين-: توجيه الطلب ". يُنظر: البحر المحيط (٣/ ٤٩٣)؛ ويُنظر: البرهان (١/ ١٦٦).