وقال الطوفي في استدراكه على الأشاعرة في مسألة (كلام الله) عند حديثه عن الأصول: "ثم العجب من هؤلاء القوم -مع أنهم فضلاء عقلاء- يجيزون أن الله - سبحانه وتعالى - يخلق لمن يشاء من عباده علمًا ضروريًا وسمعًا لكلامه النفسي من غير توسط صوت ولا حرف، وإن ذلك من خاصية موسى - عليه السلام -، مع أن ذلك قلب لحقيقة السمع في الشاهد؛ إذ حقيقة السمع في الشاهد اتصال الأصوات بحاسته، ثم ينكرون علينا القول بأن الله - سبحانه وتعالى - يتكلم بصوت وحرف من فوق السماوات؛ لكون ذلك مخالفًا للشاهد، فإن جاز قلب حقيقة السمع شاهدًا بالنسبة إلى كلامه؛ فلم لا يجوز خلاف الشاهد بالنسبة إلى استوائه وكلامه على ما قلناه؟ ! "(١).
• سابعًا: التماس العذر للمستدرَك عليه.
وهذا الأدب تكملة للأدب السابق، فمن الاعتراف لفضل العالم: أن يلتمس له عذرًا إذا استدرك عليه.
فهذه عائشة أم المؤمنين - رضي الله عنها - ذُكرَ لها أنَّ عبْدَاللهِ بن عُمرَ يقول: إنَّ الْمَيّتَ ليُعَذَّبُ ببُكَاءِ الْحيِّ. فقالت عَائشَةُ: يَغْفرُ الله لأَبِي عبدالرحمن، أمَا إنه لم يَكْذبْ؛ وَلَكنَّهُ نَسيَ أو أخْطَأَ، إنما مرَّ رسول اللهِ - صلى الله عليه وسلم - على يَهُوديَّةٍ يُبْكى عليها فقال:«إنَّهُمْ ليَبْكُونَ عليها وَإنَّهَا لتُعَذَّبُ في قَبْرهَا».
ويمثل لهذا من كتب الأصول بالأمثلة التالية:
• المثال الأول:
قال السمعاني في فصل المحكم والمتشابه: "وأحسن الأقاويل: أن المتشابه: ما استأثر الله تعالى بعلمه، ولم يطلع عليه أحدًا من خلقه، وكلفهم الإيمان به. والمحكم: ما أطلع العلماء عليه، وأوقفهم على المراد به.