للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

• الاستدراك بقاعدة (هل للعموم صيغ؟ ):

ذكر الآمدي في مسألة (حجية الإجماع) استدراكًا مقدرًا من الخصم على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا} [النساء: ١١٥]، "ووجه الاحتجاج بالآية: أنه تعالى توعد على متابعة غير سبيل المؤمنين، ولو لم يكن ذلك محرمًا لما توعد عليه، ولما حسن الجمع بينه وبين المحرم من مشاقة الرسول - عليه السلام - في التوعد؛ كما لا يحسن التوعد على الجمع بين الكفر وأكل الخبز المباح.

فإن قيل: لا نسلم أن (مَنْ) للعموم على ما سيأتي في مسائل العموم؛ حتى يتناول كل من اتبع غير سبيل المؤمنين" (١).

وذكر أيضًا استدركًا مقدرًا من الخصم على استدلال الجمهور بقوله تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ} [آل عمران: ١١٠] بأن الألف واللام إذا دخلت على اسم الجنس عمت، ومقتضى صدق الخبر بذلك أمرهم بكل معروف ونهيهم عن كل منكر، فإذا أمروا بشيء إما أن يكون معروفًا أو منكرًا؛ لا جائز أن يكون منكرًا؛ وإلا لكانوا ناهين عنه ضرورة العمل بالعموم الذي ذكرناه؛ لا آمرين به، وإن كان معروفًا فخلافه يكون منكرًا؛ وهو المطلوب، وإذا نهوا عن شيء فإما أن يكون منكرًا أو معروفًا، لا جائز أن يكون معروفًا؛ وإلا لكانوا آمرين به ضرورة ما ذكرناه من العموم؛ لا ناهين عنه، وإن كان منكرًا فخلافه يكون معروفًا؛ وهو المطلوب. (٢)

فقال: "فإن قيل: لا نسلم أن الألف واللام الداخلة على اسم الجنس للاستغراق -على ما سيأتي-، وعلى هذا فلا تكون الآية عامة في الأمر بكل معروف، ولا النهي


(١) يُنظر: الإحكام للآمدي (١/ ٢٦٧).
(٢) يُنظر: المرجع السابق (١/ ٢٨٥).

<<  <   >  >>