للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدرك أيضًا على من حد القياس بـ (الاستدلال بالشاهد على الغائب) (١).

فقال: "وهذه العبارة غير مرضية أيضًا؛ فإن الشاهد والغائب وإن كانا من عبارات المتكلمين في بعض المنازل؛ فلسنا نستحبهما في منازل الحدود؛ لانطوائها على المجاز والتوسع والإجمال، مع أن المقصود من التحديد الكشف والبيان، فلا ينبغي أن يكون الحد أغمض من المحدود" (٢).

فاستدراكه على الحد المذكور كان لفوات الشرط الثالث؛ وهو: أن يكون التعريف ظاهرًا -أي أوضح من المعرَّف-، وفوات الشرط الرابع؛ وهو: أن يكون التعريف خاليًا من الألفاظ المجازية.

• المثال الرابع: من استدراكات الآمدي على الحدود:

قال الآمدي في حد خبر الواحد: "قال بعض أصحابنا: خبر الواحد: ما أفاد الظن، وهو غير مطرد ولا منعكس.

أما أنه غير مطرد؛ فلأن القياس مفيد للظن وليس هو خبر الواحد، وقد وجد الحد ولا محدود.

وأما أنه غير منعكس؛ فهو أن الواحد إذا أخبر بخبر، ولم يفد الظن؛ فإنه خبر الواحد، وإن لم يفد الظن فقد وجد المحدود ولا حد، كيف وأن التعريف بما أفاد الظن، تعريف بلفظ متردد بين العلم؛ كما في قوله تعالى: {الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ} [البقرة: ٤٦] أي: يعلمون، وبين أن نرجح أحد الاحتمالين على الآخر في النفس من غير قطع، والحدود مما يجب صيانتها عن الألفاظ المشتركة؛ لإخلالها بالتفاهم، وافتقارها إلى القرينة" (٣).


(١) التلخيص (٣/ ١٥٠).
(٢) المرجع السابق.
(٣) الإحكام للآمدي (٢/ ٤٢ - ٤٣).

<<  <   >  >>