للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإنه لم يحظ بكتابات وتحليل الأصوليين كما ينبغي لمثل هذا الكتاب، ولعل جملة الأسباب؛ بل أهمها: ما أبداه الجويني من حرية مطلقة في الرأي والنقد لآراء السابقين من العلماء، الأمر الذي ينفر منه المتأخرون؛ لتحكم عقيدة التقليد في نفوسهم".

وكذلك المعتزلة في تركهم المعتمد لمخالفة أبي الحسين لهم، وتصريحه بمخالفة القاضي عبدالجبار الهمداني في عدة مواطن.

جاء في الفكر الأصولي (١): "لم يأسر التقليد أبا الحسين البصري؛ بل بدا في كتاب المعتمد صاحب رأي مستقل لم يئنه عن هذا أواصر الاعتزال القوية التي تربطه مع المعتزلة عمومًا، وشيخه المعجب به القاضي عبدالجبار خصوصًا فقد عارضه وعارضهم كثيرًا، وأبطل حججهم، وقدم ما يراه حقًّا، وهذا ما أثار عليه حفيظة المعتزلة، وأوغر صدورهم، فهجروا مؤلفاته".

وجاء في تحقيق المستصفى: أن الغزالي لم يهتم بنسبة الأقوال إلى أصحابها؛ بل كثيرًا ما يستعمل كلمة (قال قوم) و (قيل) , وصنيعه هذا لا يدل على عدم معرفته بأصحابها، أو عدم اهتمامه بهم؛ ولكنه يرى أن ذكر صاحب الرأي الفاسد وتبيين غلطه ربما أدى ذلك إلى تجريحه فيقع في الغيبة، وهو أمر محرم شرعًا. (٢)

وذكر الإمام الغزالي في كتابه إحياء علوم الدين (٣) منهجه هذا فقال عند حديثه عن بواعث الغيبة: إن ثلاثة منها تختص بأهل الدين والخاصة فقال: " ... أولاً: تنبعث


(١) يُنظر: (ص: ٢٣٥).
(٢) يُنظر: مقدمة تحقيق المستصفى (١/ ٦٦).
(٣) إحياء علوم الدين: لأبي حامد محمد بن محمد الغزالي (ت: ٥٠٥ هـ)، رتبه على أقسام أربعة؛ وهي: ربع العبادات، وربع العادات، وربع المهلكات، وربع المنجيات، وهو تصوف، وقال حاجي خليفة: (وهو من أجل كتب المواعظ وأعظمها)، وعلى هذا الكتاب أعمال كثيرة؛ من اختصار له، وشروح عليه، وتخريج لأحاديثه. يُنظر: كشف الظنون (١/ ٢٣)؛ اكتفاء القنوع (١/ ١٩٠). ويُنظر قوله في الإحياء (٣/ ١٤٧).

<<  <   >  >>