من الدين داعية التعجب في إنكار المنكر والخطأ في الدين فيقول: ما أعجب ما رأيت من فلان! ، فإنه قد يكون به صادقًا، ويكون تعجبه من المنكر؛ ولكن كان حقه أن يتعجب ولا يذكر اسمه، فيسهل الشيطان عليه ذكر اسمه في إظهار تعجبه، فصار به مغتاباً وآثماً من حيث لا يدري ... ".
وأما عن مصلحة عدم التصريح باسم المستدرِك فقد يكون من باب التأدب مع المستدرَك عليه، فينسب الاستدراك باسم مجهول؛ كقول:(ولقائل أن يقول)، أو (قيل)، ونحو ذلك.
قال ابن عقيل: "وإن كان أعلى منه فليتحرَّ ويجتنب القول له: هذا خطأ، أو غلط، وليس كما تقول؛ بل يكون قوله له: أرأيت إن قال قائل: يلزم على ما ذكرت كذا، وإن اعترض على ما ذكرت مُعترِضٌ بكذا؛ فإن نفوس الكرام الرؤساء المُقدَّمين تأبى خشونة الكلام؛ إذ لا عادة لهم بذلك، وإذا نفرت النفوس عَمِيَتِ القلوب، وجَمَدَتِ الخواطر، وانسدَّتْ أبواب الفوائد، فحُرمَ الكلُّ الفوائد بسفه السفيه، وتقصير الجاهل في حقوق الصدورِ.
وقد أدَّبَ الله أنبياءه في خطابهم للرؤساء من أعدائه، فقال لموسى وهارون في حق فرعون:{فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا}[طه: ٤٤]، سمعت بعض المشايخ المقدَّمين في علوم القرآن يقول: صيغة هذا القول اللَّيِّن في قوله سبحانه: {اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى (١٨)} [النازعات: ١٧ - ١٨]، وما ذلك إلا مراعاة لقلبه؛ حتى لا يَنِفَر بالقول الخشن عن فهم الخطاب، فكيف برئيس يُقَدَّمُ في العلم، تُطلَبُ فوائده، ويُرجى الخير من إيراده، وما تَسْنَحُ به خواطره؟ فأحرى بنا أن نُذلِّلَ له العبارة، ونُوطِّئ له جانبَ الجدلِ؛ لتنهال فوائده انهيالاً" (١).
ومن ذلك "الأرموي - رحمه الله - كان إذا ما عنَّ له تدوين ملاحظة ابتدأها بقوله: