للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كتبه؛ وهو "لا تعرف الحق بالرجال، واعرف الحق تعرف أهله" (١). (٢)

ومن أمثلة ذلك قوله: "ولا يُنسخ حكم بقول الصحابي (٣): (نُسخ حكم كذا) ما لم يقل: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: (نسخت حكم كذا) ... وقال قوم: إن ذكر لنا ما هو الناسخ عنده لم نقلده (٤)؛ لكن نظرنا فيه، وإن أطلق فنحمله على أنه لم يطلق إلا عن معرفة قطعية" (٥).

فهذا القول ينسب إلى أبي الحسن الكَرْخِي (٦)، ولم يصرح به الغزالي.

كما أن من أسباب عدم التصريح بالمستدرَك عليه: اشتهار القول عنه؛ مثل: قول الغزالي في مسألة الزيادة على النص قال: "الزيادة على النص (٧) نسخ


(١) يُنظر: إحياء علوم الدين (١/ ٢٣).
(٢) يُنظر مقدمة تحقيق د. حمزة حافظ لكتاب المستصفى (١/ ٦٦).
(٣) قول الصحابي: هو مذهبه في المسألة الفقهية الاجتهادية؛ سواء أكان ما نقل عن الصحابي قولاً أم فعلاً. يُنظر: القاموس المبين في اصطلاحات الأصوليين (ص: ٢٤١).
(٤) التقليد لغة: من القلادة، وهي وضع الشيء في العنق مع الإحاطة به. ومن التقليد: تقليد العامل: توليته، كأنه جعل قلادة في عنقه. يُنظر: لسان العرب (١٢/ ١٧٢)؛ المصباح المنير (ص: ٥١٢) مادة: (قلد).

وفي اصطلاح الأصوليين: قبول قول الغير من غير دليل. يُنظر: المنخول (ص: ٤٧٢)؛ المسودة (ص: ٣٠٨)؛ تقريب الوصول (ص: ٤٤٤)؛ فواتح الرحموت (٢/ ٤٠٠).
(٥) المستصفى (٢/ ١١٥).
(٦) يُنظر: المعتمد (١/ ٤١٨)؛ المحصول (٣/ ٣٨١)؛ نهاية السول (١/ ٦١٧).
والكرخي هو: أبو الحسن، عُبيدُ اللهِ بن الحسن بن دلاَّل الكرخي، انتهت إليه رئاسة الحنفية، تفقه عليه أبو علي الشاشي والجصاص، كان كثير الصوم والصلاة، صبوراً على الفقر، واسع العلم، وكان مع ذلك رأسًا في الاعتزال. من مصنفاته: "شرح الجامع الصغير"، و" شرح الجامع الكبير"، و" المختصر"، أصابه الفالج في آخر عمره، (ت: ٣٤٠ هـ).
تُنظر ترجمته في: البداية والنهاية (١١/ ٢٢٤ - ٢٢٥)؛ طبقات المعتزلة (ص: ١٣٠)؛ لسان الميزان (٤/ ٩٨).
(٧) الزيادة على النص: إفادة خبر الآحاد حكمًا زائدًا على مقتضى نص قطعي من القرآن أو السنة المتواترة؛ بحيث لا تكون هناك دلالة ظاهرة على هذا الحكم الزائد في ظاهر النص المزيد عليه، وليس فيه ما ينفيه. ولا تخلو هذه الزيادة من:
- ألا تتعلق بحكم النص أصلاً؛ كزيادة إيجاب الصوم بعد إيجاب الصلاة؛ فإنه ليست نسخًا لإيجاب الصلاة بالإجماع.
- أن تتعلق الزيادة بحكم النص المزيد عليه؛ بأن تكون جزءًا أو شرطًا له؛ مثال كونها جزءًا له: زيادة ركعة في الصبح، أو عشرين سوطًا في الحد القذف. ومثال كونها شرطًا له: زيادة النية في الطهارة؛ حيث إن الشارع أمر بالطهارة مطلقًا بناء على أن النية ليست مستفادة من الآية؛ وإنما من الحديث.
- أن تتعلق الزيادة بحكم النص المزيد عليه ولا تكون شرطًا ولا جزءًا له؛ كزيادة التغريب على الجلد في زنى البكر.

ووقع الخلاف في القسم الثاني والثالث؛ حيث قال الجمهور بأن الزيادة في القسمين ليست نسخًا بخلاف الحنفية. يُنظر: شرح مختصر الروضة (٢/ ٢٩١ - ٢٩٢)؛ البحر المحيط (٤/ ١٤٣)؛ معجم مصطلحات أصول الفقه (ص: ٢٢٦ - ٢٢٧).

<<  <   >  >>