للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المقدمتين أو إحداهما، والمقدمات الزائدة لتمامها أو تمام إحداهما. وبيانه: أن المحكوم به إذا كان مجهول الثبوت للمحكوم عليه فلا بد من واسطة بينهما، يكون ثبوتها لأحدهما معلومًا، وثبوت الآخر لها معلومًا، فيلزم ثبوت المجهول للمعلوم، كما إذا جهلنا ثبوت الحدوث للعالم فيتوسط بينهما التغير. فنقول: التغير ثابت للعالم، والحدوث ثابت للمتغير، فالحدوث ثابت للعالم؛ لأن لازم اللازم لازم، فمن المحال أن تعلم هاتين الملازمتين ولا يحصل العلم، نعم قد لا تعلمان فنحتاج في كل مقدمة إلى دليل مركب من مقدمتين، وقد يحتاج الدليل الثاني لذلك أيضًا، فتكثر المقدمات، فظهر أنه يستحيل الزيادة في الدليل على مقدمتين تامتين" (١).

فيلحظ أن استدراك القرافي على الرازي في حده للنظر كان مستمدًّا من علم المنطق، وما يذكر فيه من مقدمات القياس المنطقي، وقواعد المنطق؛ كقوله: (لازم اللازم لازم).

٢ - العلم بالمسائل الكلامية المبحوثة في أصول الفقه: وهذا يحتاج إليه في الاستدراك على تلك المسائل؛ كاستدراك النقد، أو تصويب الخطأ، ولا يحتاج إليه في الاستدراك على الحدود.

مثال: مسألة تكليف المعدوم، وأصل هذه المسألة من مسائل علم الكلام (٢)؛ هل يصح أن يخاطب الله المعدوم بطلب فعل شيء أو تركه بشرط وجوده، أم لا يصح أن يخاطب به إلا بعد وجوده؟

قال إمام الحرمين: "وهذه المسألة إنما رسمت لسؤال المعتزلة؛ إذ قالوا: لو كان الكلام أزليًا لكان أمرًا، ولو كان أمرًا لتعلق بالمخاطب في عدمه" (٣).


(١) نفائس الأصول (١/ ١٩٦ - ٢٠٧).
(٢) ولما أدرك الآمدي أن الأصولي لا شأن له بهذه المسألة؛ أوجب عليه أن يقلد فيها قول المتكلمين، فقال: (وقد حققنا ذلك في الكلاميات بما يجب على الأصولي تقليد المتكلم فيه). الإحكام للآمدي (٢/ ٢٠٥).
(٣) البرهان (١/ ٢٧٤).

<<  <   >  >>