للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العدوان، وهو جائز عند الأكثرين من علماء الأصول، وقال قوم: لا يجوز التعليل بالوصف المركب؛ بحجة أنه لو صح التعليل به لكان عدم أي جزء من المركب عدمًا لتلك العلية، فانعدام الجزء الآخر بعد ذلك لا يترتب عليه انعدام العلية؛ لأن العدم حصل عند انعدام الجزء الأول، فلا يحصل مرة أخرى عند انعدام الجزء الثاني؛ وذلك لامتناع تحصيل الحاصل.

فأجاب البيضاوي على دليلهم هذا بناء على أن كون العِلِّيَّة صفة وجودية، في حين أنها صفة عدمية لا وجود لها في الخارج؛ وإنما يعتبرها العقل، وإذا كانت العِلَّيَّة عدمية كان انتفاؤها وجوديًّا؛ لأن أحد النقيضين لابد أن يكون وجوديًّا.

فاستدرك الإسنوي على البيضاوي هذا الجواب، بأن الرازي لم يذكره جوابًا لهذه الشبهة وإنما أجاب به عن شبهة أخرى.

والذي أوقع البيضاوي في هذا الخلل متابعته للتاج الأرموي عند اختصاره للمحصول؛ حيث ذكر هذه الشبهة للمانعين، ونقل جواب الرازي لشبهة أخرى، والظاهر أنه كان سهوًا منه.

• المثال الخامس:

ما ذكره الإمام البيضاوي في شروط الأصل المختلف فيها: "وزعم عثمان البَتّي (١) قيام ما يدل على جواز القياس عليه" (٢).


(١) هو: أبو عمرو، عثمان بن مسلم البتي البصري، من أهل الكوفة وانتقل إلى البصرة. وسمي البتي لأنه كان يبيع البتوت، وهي الكساء الغليظ من وبر أو صوف. روى عن أنس بن مالك والشعبي وغيرهما، وروى عنه شعبة والثوري، (ت: ١٤٣ هـ).
تُنظر ترجمته في: الكاشف للذهبي (٢/ ١٣)؛ طبقات الفقهاء للشيرازي (ص: ٩١)؛ الطبقات الكبرى (٧/ ٢٥٧).
(٢) منهاج الوصول - مطبوع مع نهاية السول - (٢/ ٩٢٧).

<<  <   >  >>