للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الشافعي والقاضيان (١) وأبو علي (٢) إعمال المشترك في جميع مفهوماته غير المتضادة، ومنعه أبو هاشم والكرخي والبصري (٣) والإمام.

لنا: الوقوع في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} [الأحزاب: ٥٦]، والصلاة من الله مغفرة، ومن غيره استغفار" (٤).

فذكر التاج السبكي في شرحه: "واعلم أنه وقع في بعض نسخ المنهاج: (والصلاة من الله مغفرة) -كما أوردناه-، وهو الذي أورده الغزالي (٥)، وفي بعضها: (رحمة). وكذلك ذكر الإمام (٦). والتعبير (بمغفرة) أحسن؛ لأن الصلاة في اللغة: الدعاء بخير، وهو محال من الله تعالى، فحمل على المغفرة. وأما حمله على (الرحمة) فغير ممكن؛ لأن حقيقة (الرحمة): رقة القلب، وهي مستحيلة في حق الله تعالى، ولا يطلب عليه إلا مجازًا (٧)، ومن فسر الصلاة (بالرحمة) فرارًا من تفسيرها بالدعاء وقع في هذا


(١) أبو بكر الباقلاني وعبدالجبار الهمذاني.
(٢) هو: أبو علي، محمد بن عبدالوهاب بن سلام الجبائي البصري، من شيوخ المعتزلة، وإليه تنسب فرقة الجبائية. من مصنفاته: "تفسير القرآن"و"متشابه القرآن"، (ت: ٣٠٣ هـ).
تُنظر ترجمته في: فرق وطبقات المعتزلة (ص: ٨٥)؛ وفيات الأعيان (٣/ ٣٩٨)؛ البداية والنهاية (١١/ ١٢٥).
(٣) هو: أبو الحسين البصري، ذكر هذا ابن السبكي (٣/ ٦٥٥)، والإسنوي فقال: "والبصري: أي أبو الحسين، كما قاله في المحصول، ... ". يُنظر: المحصول (١/ ٢٦٩)؛ نهاية السول (١/ ٢٦٢). ويُنظر قول أبي الحسين في المعتمد (١/ ٣٠٠ - ٣٠١).
(٤) يُنظر: منهاج الوصول - مطبوع مع الإبهاج- (٣/ ٦٥٢، ٦٦٢).
(٥) المستصفى (٣/ ٢٩٣).
(٦) المحصول (١/ ٢٧١).
(٧) هذا الكلام بناء على عقيدة الأشاعرة الفاسدة في صفات الله تعالى؛ حيث لم يثبتوا لله تعالى إلا سبع صفات يسمونها "صفات المعاني"؛ وهي: الحياة، والعلم، والقدرة، والإرادة، والكلام، والسمع، والبصر. وأما صفات الله تعالى الفعلية؛ كالنزول والاستواء والرضى والرحمة والغضب؛ فأنكروها، وعللوا إنكارهم لصفة الرحمة: بأن (الرحمة) رقة وضعف، وهذا لا يليق بالله تنزيهًا له تعالى، وقالوا: المراد بالرحمة: إرادة الإحسان، أو الإحسان نفسه، أي: إما النعم، أو إرادة النعم. أما أهل السنة والجماعة فأمنوا بكل ما جاء عن الله وعن رسوله - صلى الله عليه وسلم -، فنفوا عنه كل ما نفاه، وأثبتوا له كل ما أثبته، بلا تأويلات باطلة، ومن ذلك: إثباتهم صفة (الرحمة) له - سبحانه وتعالى - بما يليق بجلاله. يُنظر: تفسير المنار (١/ ٦٤ - ٦٥)؛ شرح العقيدة الواسطية للشيخ ابن عثيمين (١/ ٢٤٨ - ٢٥٩)؛ فرق معاصرة (٣/ ١٢١٨ - ١٢٢٤).

<<  <   >  >>