للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كل ذلك، وهذا لا يلزم فيما له أصل وتقريب.

قال: ولو ساغ هذا لاتخذ العقلاء أيام كسْرَى أنُوشرْوَان (١) في العدل والإيالات (٢) معتبرهم، وهذا يجر خبالاً الاستقلال به. (٣)

وهذه الجملة التي أوردناها مجموعة من كلام إمام الحرمين في البرهان، وهذا الإلزام الذي ذكره أخيرًا لا يلزم مالكًا؛ لأنه يشترط في اتباع المصلحة أن لا يناقض أمرًا مفهومًا من الشريعة، والعامي من أين يعلم هذا؟ وما المانع من مناقضة ما يراه من الرأي لقواعد الشريعة؟ " (٤).

وكذلك إن استخدم المُستدرِك في إضعاف دليل خصمه قادح النقض (٥)؛ فيشترط أن لا يستدرك عليه بأصل نفسه؛ بل يستدرك عليه بأصله -أي بأصل المستدرَك عليه-.

جاء في المسودة: "مسألة: لا يقبل على الخصم أن ينقض علل المستدل بأصل نفسه، ذكره أصحابنا والشافعية ... " (٦).


(١) هو: كسرى أنوشروان بن قباذ بن فيروز، اعتلى العرش بعد أبيه قباذ الأول، من ملوك فارس، كانت الإمبراطورية الساسانية في قمة مجدها إبان حكمه، فوضع الأسس لمدن وقصور وبناء العديد من الجسور والسدود، وازدهرت الفنون والعلوم، وكان فيلسوفًا وله شعبية في الثقافة الإيرانية، (ت: ٥٧٩ م) - قبل الهجرة بـ ٥٤ سنة -. تُنظر ترجمته في: الكامل في التاريخ (١/ ٣٣٦)؛ ويُنظر ترجمة له وافية على ويكيبيديا الموسوعة الحرة على الرابط التالي: http://ar.m.wikipedia.org/wiki
(٢) الإيالات: جمع إيالة، وهي السياسة. يُنظر: لسان العرب (١/ ١٩٤ - ١٩٥)؛ القاموس المحيط (ص: ٩٦٣) مادة: (أول).
(٣) البرهان (٢/ ١١٢٠ - ١١٢١).
(٤) الإبهاج (٦/ ٢٦٥٢ - ٢٦٥٣).
(٥) سيأتي تعريف قادح النقض في الفصل الخامس: معايير الاستدراك الأصولي (ص: ٥٧١).
(٦) (ص: ٢٨٨). ويُنظر كذلك: إحكام الفصول (٢/ ٦٦٥)؛ التمهيد لأبي الخطاب (٤/ ١٥٨)؛ البحر المحيط (٥/ ٢٦٨).

<<  <   >  >>